اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 343
نهاية منطقية ليكون المعجز نفسه هو " نهاية الحسن ".
وقد اختلف تقبل الناس لكتاب النكت، فاعترض كثيرون على الحدود فيه، وتأثر بعض البلاغيين به ونقلوا آراءه وأمثلته، ووقف الباقلاني من تعليله لإعجاز القرآن عن طريق أنواع البديع موقف الحذر، ورفض ابن سنان الخفاجي أن يقبل حكمه على السجع ورد على قوله " أن القرآن من المتلائم في الطبقة العليا وغيره في الطبقة الوسطى " فقال: ليس الأمر على ذلك، ولا فرق بين القرآن وبين فصيح الكلام المختار في هذه القضية، ومتى رجع الإنسان إلى نفسه وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار وجد أن في كلام العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه، ولعل أبا الحسن يتخيل أن الإعجاز في القرآن لا يتم إلا بمثل هذه الدعوى الفاسدة، والأمر بحمد الله أظهر من أن بعضه بمثل هذه الدعوى الفاسدة، والأمر بحمد الله أظهر من أن يعضده بمثل هذا القول الذي ينفر عنه كل من علق من الأدب بشيء أو عرف من نقد الكلام طرفاً " [1] .
الخطابي والإعجاز
وهب أبو سليمان الخطابي (- 388) في " بيان أعجاز القرآن " مذهب الرماني في قسمة أجناس الكلام في ثلاث مراتب: فمنها البليغ الرصين الجزل ومنها الفصيح القريب السهل، ومنها الحائز المطلق الرسل؟ فالقسم الأول أعلى طبقات الكلام وأرفعه والثاني أوسطه وأقصده والثالث أدناه وأقربه [2] . غير أن الخطابي لم يقل كما قال الرماني أن بلاغة القرآن تقتصر على النوع الأول وحده، بل ذهب إلى أنها أخذت حصة من كل نوع من الأنواع الثلاثة، فكان من امتزاج تلك الأنماط نمط جديد بين صفتي الفخامة والعذوبة - الفخامة تنتج عن الجزالة والعذوبة تنتج عن السهولة، وهما صفتان كالمتضادتين، فالتوفيق بينهما على نحو لا يحدث نبوة لا يتيسر إلا في القرآن. [1] سر الفصاحة: 91. [2] ثلاث رسائل: 23.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 343