اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 328
نجدها لدى ابن جني في مقدمته على شرح الديوان: " وما لهذا الرجل الفاضل من عيب عند هؤلاء السقط الجهال؟. إلا أنه متأخر محدث " ولذلك ذهب ابن جني يعرض في المقدمة نماذج من عصبية العلماء السابقين ضد كل جديد متأخر الزمن، كما فعل القاضي الجرجاني.
عود إلى مشكلة المطبوع والمتكلف
وعاد الجرجاني إلى ذلك الموضوع القديم الذي وضحه ابن قتيبة حين تحدث عن الطبع والتكلف في الشعر، والمطبوع والمتكلف من الشعراء: " الشعر علم من علوم العرب يشترك فيه الطبع والرواية والذكاء ثم تكون الدربة مادة له وقوة لكل واحد من أسبابه " [1] وهو يعني بالطبع هنا ما يسمى " الموهبة الشعرية "، فالموهبة وحدها لا تجدي إلا إذا انضافت غليها الرواية؛ وحاجة المحدث إلى الرواية أشد من حاجة غيره " فإذا استكشفت هذه الحالة وجدت سببها والعلة فيها أن المطبوع الذكي لا يمكنه تناول ألفاظ العرب إلا رواية ولا طريق للرواية إلا السمع، وملاك الرواية الحفظ " [2] ؛ على أن الرواية وحدها لا تفعل شيئاً فكم من راوية لشاعر جاهلي أو إسلامي لم يقل بيتاً. ويعزز الجرجاني تفاوت الشعر إلى اختلاف الطبائع (ويعني بها هنا الأمزجة) " فإن سلامة اللفظ تتبع سلامة الطبع ودماثة الكلام بقدر دماثة الخلقة، وأنت تجد ذلك ظاهراً في أهل عصرك وأبناء زمانك، وترى الجافي الجلف منهم كز الألفاظ معقد الكلام، وعر الخطاب، حتى أنك ربما وجدت ألفاظه في صوته ونغمته، وجرسه ولهجته " [3] فالطبع (بمعنى الموهبة) هو الذي يجعل هذا شاعراً وأخاه لا صلة له بالشعر. ويقيم التفاوت بين شاعر وشاعر في القبيلة الواحدة. والطبع (بمعنى المزاج [1] الوساطة:15. [2] الوساطة: 16. [3] الوساطة: 18.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 328