اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 321
كل مذهب، وتقف من التمام بكل طريق، ثم تجد أخرى دونها في انتظام المحاسن والتئام الخلقة وتناصف الأجزاء وتقابل الأقسام وهي أحظى بالحلاوة وأدنى إلى القبول واعلق بالنفس وأسرع ممازجة للقلب، ثم لا تعلم - وان قايست واعتبرت ونظرت وفكرت - لهذه المزية سبباً ولما خصت به مقتضياً ([1]) ".
الناقد البصير هو الذي تحدث عنه الآمدي
ليس الجمال في الاعتدال الذي نص عليه ابن طباطبا، وإنما هو شيء وراء متطلب التعليل، لا يدركه إلا الناقد البصير، وليس من الحق أن نسأله إيراد العلة في كل شيء، وهذا هو الناقد الذي أرادنا الآمدي أن نطمئن إلى حكمه، كما نطمئن في كل صناعة إلى حكم أهلها. ويحتاج هذا الناقد عند الجرجاني - كما احتاج عند الآمدي - إلى الرواية (الثقافة) والدراية (المران والدربة) والفطنة ولطف الفكر (الموهبة) ، أو يحتاج بإيجاز إلى " صحة الطبع وإدمان الرياضة " [2] . وبهذا يرتفع الناقد على مستوى الرجل العادي الذي يسهل عليه أن يدرك الوزن والأعراب واللغة، والجناس والمطابقة والبديع والمعنى الغامض؟ الخ، ويكون قميناً بالفصل في شيئين [1] العيب الخفي [2] والجمال الخفي؛ فيهتم " باختلاف الترتيب واضطراب النظم وسوء التأليف وهلهلة النسج " ويقابل بين الألفاظ والمعاني ويسبر النسبة فيها [3] ؛ ولكنه لن يستطيع ذلك إذا استنام إلى دواعي العصبية، فهي تحجب عن بصيرته مجال الرؤية الصحيحة وتحسن له الميل مع الهوى.
فالناقد عند الجرجاني هو الناقد نفسه عند الآمدي، ومنطقة ما لا يعلل ويتحاكم فيه إلى الطبع النقدي مشتركة عند كليهما، إلا إنها أوسع لدى الجرجاني مما هي لدى الآمدي، وسبب ذلك هو الفرق بين المقايسة والموازنة، [1] الوساطة: 412. [2] الوساطة: 413. [3] نفسه.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 321