اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 311
في اللفظ ورقة وحلاوة وقرب مأخذ؛ ومن الغريب أن يكون صاحب هذا الموقف ممن يقدمون أبا تمام. على أن التشبيه الذي استغله ابن وكيع هنا ذو دلالة قيمة: فالشاعر الذي يريده جمهور النصف الثاني من القرن الرابع المطرب الذي لا يعرف قواعد الألحان، ولكن صوته جميل، والشاعر الآخر كالملحن الذي لا يجمع مع معرفته بالألحان صوتاً جميلاً، وقد قلت حاجة الجمهور إلى الملحن وأصبحت مستغنية بالمطرب، " ولا سيما مع زهد الناس في الأدب في هذا العصر " [1] ، ولأول مرة نجد النقد يتطلب من الشاعر ان يلبي الذوق العام، لا ما أقره العرب - كما فعل الآمدي - ولا ما تريده الطبقة المثقفة - كما نلمح عند قدامة وابن طباطبا والحاتمي.
ما ابعد " المنصف " من الإنصاف
ذلك هو ابن وكيع في مجمل مذهبه النقدي، ونحن إذا استثنينا سلطان الحاتمي على تصوره للسرقات وجدنا مصادره في هذا القسم من كتابه تضم روايته عن ابيه، وما قراه في رسالة ابي العباس النامي، ومروياته عن شيخه المهلبي، وبعض قراءاته لشروح ديوان المتنبي، ومن بينها شرح يرى في تفسيرات صاحبه عقلية نحوية [2] ، ولعله يشير هنا إلى ابن جني. أما فيما عدا ذلك فإن أكثر نقده دراسة مستأنية لكل قصيدة في نسخة خاصة من ديوان أبي الطيب. ولكل ما سبق لسنا نستغرب ان يقول ابن رشيق في المنصف: " ما أبعد الإنصاف منه " [3] وان نجد ابن جني يؤلف " النقض على ابن وكيع في شعر المتنبي وتخطئته " [4] ؛ وأن يصفه ابن القارح بأنه " حاف على المتنبي " [5] . [1] الورقة 40/ أ. [2] انظر مثلا الورقة 113/ ب. [3] العمدة 2: 216. [4] معجم الأدباء 12: 113. [5] الصبح المنبي: 265.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 311