اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 306
خمس، فعلمت بان الشيخ قد صدق " [1] . ولا يضر المتنبي ان نتقبل هذه الرواية كاملة دون تشكيك في شيء منها، فإن دلالتها الهامة في نظرنا هي أن المتنبي ربما مشى في صغره وراء أضواء كاذبة، ولكنه لما نضج وعرف معنى الشعر الصحيح الحقيق بالخلود لم يتورع عن أن يسقط من شعره أكثره. غير أن الأرقام العددية فيها، لو شئنا أن نعدها صحيحة لا يقصد منها المبالغة لما أسعفنا على ذلك حقيقة القصائد الثابتة في ديوان المتنبي، فنحن نجد من شعره منذ ارتحل إلى ديار الشام حتى عودته من مصر إلى العراق ما يبلغ 260 قصيدة ومقطعة، أو شيئاً قريباً من ذلك، فإذا كان قد قال ثلاثمائة قصيدة قبل أن يرتحل إلى الشام فمعنى ذلك أن ما قاله بعد رحلته مقارب لما قاله إقامته في الشام ومصر - وكلها سنوات مهيأة لقول الشعر - امتدت قرابة ثلاثين سنة، بينا لا تتجاوز سنوات الشعر في العراق قبل رحيله خمس سنوات، فهل يعقل أن يكون ما طرأ على المتنبي من تغير مفترض جعله يقول في ثلاثين سنة قدر ما قاله في خمس سنوات؟ ذلك أمر مستبعد.
متابعة الحاتمي في إثبات ضعف المتنبي في اللغة
ويقع ابن وكيع في مجال الحاتمي حين يحاول ان يقتفي خطواته في إثبات ضعف المتنبي في اللغة؛ فيعلق على قول المتنبي " أذهب للغيظ " بان افعل التفضيل لا يجوز من " أذهب " وإنما يجوز " اشد إذهاباً للغيظ " ويدلل على ضعفه في العربية برواية يسندها إلى شيخه أبي الحسن المهلبي، قال المهلبي: " حضرته في مجلس لبعض الرؤساء، وجرت مسألة في المذكر والمؤنث فقلت: قد يؤنث المذكر إذا نسبت لمؤنث (مثل: كما سرقت صدر القناة من الدم) فقال: من قال هذا؟ قلت: سيبويه؟. فقال: لا اعرف هذا ولعله مذهب البصريين ولا اعمل على قولهم، قال: فقلت: هذا في كتاب [1] المصدر نفسه.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 306