اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 299
أوردناه قبلاً. غير أنه يخالف الحاتمي في قضية " عذب الشعر أكذبه " فلا يتردد إزاءها، وإنما يقف منها بصراحة موقف قدامة، إذ يقول في الغلو أو الإغراق: " وطائفة من الأدباء يستحسنونه ويقولون أحسن الشعر أكذبه، والغلو يراد به المبالغة؟ بما يدخل في المعدوم ويخرج عن الموجود (وهذا قول قدامة) . وقد أبت طائفة من العلماء استحسان هذا الجنس لما كان خلاف الحقائق وخروجه عن اللفظ الصادق، قال أبو محمد: ما أتوا بشيء لأن الشعراء لا يلتمس من الخيار الصالحين وشهود المسلمين " [1] ؛ وقد كان في مقدوره اعتماداً على هذه القاعدة أن يقبل كثيراً من مبالغات أبي الطيب، وهي كثيرة حقاً في شعره، ولكنه وجد نفسه إزاءها مضطراً إلى إيجاد مقياس جديد: " وللشعراء مبالغتان: ممكنة ومستحيلة، والممكن أحسن عند كثير من الأدباء من المستحيل " [2] مع أنه قبل رأي قدامة قبلاً في أن الغلو خروج عن الموجود إلى المعدوم.
الجهد المضني في البحث عن سرقات المتنبي
وما الحديث عن السرقات عامة وعن فنون البديع إلا توطئة، فأما غاية " المنصف " الأولى فهي إبراز سرقات المتنبي، وتلك غاية يريد ابن وكيع أن يلتزم بتحقيقها التزاماً دقيقاً لولا انه يخشى إذا هو تغاضى عن عيوب أخرى في شعر المتنبي كالغثاثة واللحن والإحالة أن يقال إنه غفل عنها لقلة تمييزه ولذلك فإنه سينبه إلى تلك العيوب، لئلا تلحق به تلك التهمة؛ ويرسم لنسفه منهجاً في الكشف عن السرقات:
1 - فهو لا يقف عند الأبيات الفارغات والمعاني المكررات المرددات إلا قليلاً لكي لا تظن به الغفلة عنها. [1] نفسه، الورقة 17أ. [2] نفسه؛ 19ب.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 299