اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 169
الأيام بنون له، والزمان ابلق، وجعل للمدح يداً ولقصائده مزامر إلا أنها لا تنفخ ولا تزمر، وجعل المعروف مسلماً تارة ومرتداً أخرى والحادث وغداً؟ وظن ان الغيث كان دهراً حائكاً وجعل للأيام ظهراً يركب، والليالي كأنها عوارك والزمان كأنه صب عليه ماء، والفرس كأنه ابن الصباح الأبلق، وهذه استعارات في غاية القباحة والهجانة والغثاثة والبعد من الصواب " [1] .
ثم أراد أن يفهمنا بان هذه الاستعارات خارجة عما نهجه العرب: " وإنما استعارت العرب المعنى لما ليس هو له إذا كان يقاربه أو يناسبه أو يشبهه في بعض أحواله أو كان سبباً من أسبابه "، ودافع عن صورة الليل في قول امرئ القيس:
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف إعجازاً وناء بكلكل وعن قول زهير:
وعري أفراس الصبا ورواحله ... وقد يتحدث الآمدي لفريق من أبناء عصره بهذا فيدركون أن استعارة امرئ القيس صحيحة النسبة للخيال العربي (وإن كان قد عاب امرأ القيس بهذا البيت من لم يعرف موضوعات المعاني والاستعارات في رأي الآمدي) وان استعارة زهير كذلك مقبولة سائغة، ولكن من الصعب علينا اليوم ان نميز ذلك تمييزه، بعد أن اختلطت علينا استعاراتنا بالاستعارات المستمدة من الخيال الأجنبي حتى ألفنا هذا الخليط العجيب، وربما لم يكن من الجفاء أن أصرح باني لم أقف مرة عند قول زهير " وعري أفراس الصبا " إلا وجدت فيه من الغرابة ما يعمي علي وجه تصوره، وان لا أجد فرقاً بين تصوير [1] الموازنة 1: 249 - 250.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 169