responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 164
وليس يخلو الذين اتهموه بالتعصب على أبي تمام من أن يكونوا بعض الفريق الذي يحب أبي تمام ويستقل ما يقال في مدحه ويستثقل كل شيء يعاب به. أو أن يكون الآمدي قد ظلم أبا تمام فعلاً. فأما تعقب المرتضى له فليس هو اتهاماً له بالتعصب، وغنما هو اتهام بالجهل وعدم الإدراك للنقد الصحيح. ونحن نقول أن من كان يميل إلى طريقة البحتري ثم يتكلف الموازنة بينها وبين طريقة أبي تمام فإنه قادر على أن يظلم أبا تمام ويتعصب عليه. ولا ريب في أن الآمدي حاول أن يكون منصفاً، وظهر بمظهر المنصف في مواطن عديدة، ولكن ميله كثيراً ما كان يوجهه رغماً عنه، كما كان يحدد مجال الرؤية عنده بالنسبة لأبي تمام، ويوسع من حدودها بالنسبة للبحتري. فقد عرض لسرقات أبي تمام من جميع الشعراء على نحو تفصيلي. فلما وصل إلى البحتري، اكتفى بكر ما سرقه البحتري من أبي تمام وحسب، زاعماً أنه إنما يفعل لك " لان أصحاب البحتري ما ادعوا ما ادعاه أصحاب أبي تمام لأبي تمام " [1] . ثم يقول بعد لك: " فأما مساوئ البحتري من غير السرقات - فقد حرصت واجتهدت أن اظفر له بشيء يكون بازاء ما أخرجته من مساوئ أبي تمام في سائر الأنواع التي ذكرتها، فلم أجد في شعره - لشدة تحرزه وجودة طبعه وتهذيب ألفاظه - من ذلك إلا أبياتاً يسيرة؟ " [2] ؛ وقد يكون الآمدي مخلصاً فيما قال - بحسب مدى الرؤية - ولكن وجود الميل الكمين يجعلنا نظن أن هناك قوة توجهه لكي لا يرى ما يمكن ان يعده آخرون من عيوب البحتري. وليس في الإنصاف أن يقال: ما دام أصحاب أبي تمام يدعون له ابتكار المعاني فلا بد من إبراز ما أخذه من معاني غيره، ذلك أن الآمدي يعترف بان أبا تمام شاعر يحسن الغوص على المعاني، ومع ذلك فإنه لم يفرد في كتابه فصلاً لبيان بدائعه، واكتفى بالمقارنة في الموضوعات بينه وبين البحتري. كذلك فإن التعليقات الجارحة

[1] الموازنة 1: 292.
[2] المصدر نفسه.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست