اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 159
والأعشى ولا في جرير والفرزدق والأخطل ولا في بشار ومروان والسيد ولا في أبي نواس وأبي العتاهية ومسلم والعباس بن الأحنف لاختلاف آراء الناس في الشعر وتباين مذاهبهم فيه " [1] . وإذا لم يكن التفضيل ممكناً فهل التسوية بينهما ممكنة؟ الآمدي لا يرى ذلك، مخالفاً لكثير من الناس عدوا الطائيين طبقة ذهبوا إلى المساواة بينهما، فهما في رأيه مختلفان: " لأن البحتري أعرابي الشعر مطبوع وعلى مذهب الأوائل وما فارق عمود الشعر المعروف، وكان يتجنب التعقيد ومستكره الألفاظ ووحشي الكلام، فهو بأن يقاس بأشجع السلمي ومنصور النمري وأبي يعقوب الخريمي المكفوف وأمثالهم من المطبوعين أولى، ولأن أبا تمام شديد التكلف صاحب صنعة ويستكره الألفاظ والمعاني وشعره لا يشبه شعر الأوائل ولا على طريقتهم لما فيه من الاستعارات البعيدة والمعاني المولدة، فهو بأن يكون في حيز مسلم أبن الوليد ومن حذا حذوه أحق وأشبه، وعلى أني لا أجد من أقرنه به لأنه ينحط عن درجة مسلم، لسلامة شعر مسلم وحسن سبكه وصحة معانيه، ويرتفع عن سائر من ذهب هذا المذهب وسلك هذا الأسلوب لكثرة محاسنه وبدائعه واختراعاته " [2] . وأحب أن تقف عند قوله " وما فارق عمود الشعر المعروف " فإن هذا التعبير يواجهنا هنا لأول مرة، وأن تتأمل قوله في أبي تمام " وعلى أني لا أجد من قرنه به " وتتساءل: إذا كان أبو تمام لا يقترن بأحد من أبناء مذهبه وطبقته فهل من الممكن أجراء الموازنة بين شاعرين متباعدين في الطريقة؟ أليست هذه الموازنة كوضع حديد في كفة ميزان ووضع نحاس في كفة أخرى، ولا يكون الحكم بعد ذلك إلا حول أيهما يرجح بالآخر من حيث الكم لا من حيث النوع؟ وعلى هذا يظل السؤال الأول " لم الموازنة؟ " وارداً دون جواب. [1] الموازنة 1: 6 - 7. [2] الموازنة 1: 6.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 159