اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 157
ذلك فقد علمت، وان لم تعرفها فقد جهلت، وذلك بان تتأمل شعر أوس ابن حجر والنابغة الجعدي فتنظر من أين فضلوا أوساً. وتنظر في شعري بشر بن أبي خازم وتميم بن أبي بن مقبل فتنظر من أين فضلوا بشراً؟. فإن علمت من ذلك ما علموه ولاح لك الطريق التي بها قدموا من قدموا وأخروا من أخروه. فثق حينئذ بنفسك واحكم يسمع حكمك؟ فأن قلت: انه قد انتهى بك التأمل إلى علم ما علموه لم يقبل ذلك منك حتى تذكر العلل والأسباب؟ " [1] .
طريق الناقد الحق هي الموازنة المعللة
الموازنة المعللة هي الطريقة التي يثبت بها المرء انه قد أصبح ناقداً، فليكن الآمدي ذلك الناقد، وليقم الموازنة المعللة، لا بين اثنين حكم في أمرهما قدامى العلماء، بل بين اثنين من المحدثين، هما أبو تمام والبحتري، فالموازنة - أي الكتاب - ثمرة هذا التحدي. ليثبت الآمدي أن ناقداً من طرازه يقف في مستوى العلماء القدامى، عن لم يكن بقدرته على التعليل والتحليل أوضح مقاما.
منزلة كتاب الموازنة في تاريخ النقد، ومنهج المؤلف فيه
فكتاب " الموازنة " وثبة في تاريخ النقد العربي، بما اجتمع له من خصائص لا بما حققه من نتائج. ذلك لانه ارتفع عن سذاجة النقد القائم على المفاضلة بوحي من " الطبيعة " وحدها دون تعليل واضح، فكان موازنة مدروسة مؤيدة بالتفصيلات التي تلم بالمعاني والألفاظ والموضوعات الشعرية بفروعها المختلفة، وكان تعبيراً عن المعانات التي لا تعرف الكلل في استقصاء موضوع الدراسة من جميع أطرافه، ولهذا جاء بحثاً في النقد واضح المنهج، ليس فيه إلا اليسير من الاستطرادات الجزئية، وقد [1] الموازنة1: 394 - 396.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 157