responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 96
هَذَا لَشَيْءٌ يُرَاد، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} . وكانوا لا يؤمنون ببعث ولا نشور يقول جلَّ ذكره: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} وقال: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} وقال: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} . ولا نصل إلى أواخر العصر الجاهلي حتى نجد استعدادًا لفكرة الإله الواحد، وخاصة عند طائفة كانت تدعى باسم الحُنَفاء، وكانت تشك في الدين الوثني القائم وتلتمس دينًا جديدًا يهديها في الحياة. يقول ابن إسحاق: "اجتمعت قريش يومًا في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون "يطوفون" به، وكان ذلك عيدًا لهم في كل سنة يومًا فخلص منهم أربعة نفر نجيًّا، ثم قال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض قالوا: أجل، وهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل؛ فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله ما قومكم على شيء، لقد أخطأوا دين أبيهم إبرهيم، ما حجرٌ نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، يا قوم التمسوا لأنفسكم دينًا؛ فإنكم والله ما أنتم على شيء. فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم، فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية، وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس حتى أسلم، وأما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم فتنصر، وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه، فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان، وقال أعبد رب إبراهيم"[1] ومعروف أنه أسلم وكان من الصحابة الأولين المقدمين.
وأكبر الظن أن كلمة حنيف معناها المائل عن دين آبائه كما يدل على ذلك اشتقاقها، ولم يكن هؤلاء الحنفاء في مكة وحدها، فقد كانوا منتشرين في القبائل؛ إذ تعد كتب الأدب والتاريخ منهم قس بن ساعدة الإيادي وأبا ذر الغفاري وصِرْمة

[1] السيرة النبوية: 1/ 237.
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست