responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 402
ولم نسق هذه القصة مؤمنين بأنها نفس قصة المرقش التي دارت في الجاهلية بلغتها وبجميع تفاصيلها؛ ولكنا سقناها لندل بطوابعها على صورة أمثالها في الجاهلية، وما كان يتيح القَصَّاص لمثلها من عناصر التشويق؛ تارة بما يضيف إلى القصة من خياله، وتارة بما يضيف إليها من أشعار، وقد يضيف إليها أمثالًا، على نحو ما نعرف في قصة الزباء، وهي تتضمن عند الضبي اثني عشر مثلًا[1].
وإذا صح ما ذهب إليه بروكلمان من أن تعرف أحد العاشقين على الآخر عن طريق الخاتم شائع في كثير من الحكايات عند أمم غير العرب[2] كان معنى ذلك أن قصص الجاهليين حتى في الحب تسربت إليه عناصر من حكايات العشق المماثلة عند الأمم الأجنبية. ويدخل في هذا الجانب بعض خرافاتهم عن الحيوانات التي يلتقون فيها بخرافات الأجانب[3]، كخرافة الحية والفأس، وقد رواها الضبي على هذه الشاكلة[4].
"زعموا أن أخوين كانا فيما مضى في إبل لهما؛ فأجدبت بلادهما، وكان قريبًا منهما واد فيه حية، قد حمته من كل أحد؛ فقال أحدهما للآخر: يا فلان، لو أني أتيت هذا الوادي المُكْلى؛ فرعيت فيه إبلي وأصلحتها، فقال له أخوه: إني أخاف عليك الحية، ألا ترى أن أحدًا لم يهبط ذاك الوادي إلا أهلكته، قال: فوالله لأهبطن. فهبط ذلك الوادي، فرعا إبله به زمانًا، ثم إن الحية لدغته، فقتلته: فقال أخوه: ما في الحياة بعد أخي خير، ولأطلبن الحية فأقتلها أو لأتبعن أخي؛ فهبط ذلك الوادي؛ فطلب الحية ليقتلها، فقالت: ألست ترى أني قتلت أخاك، فهل لك في الصلح، فأدعك بهذا الوادي، فتكون به، وأعطيك ما بقيت دينارًا في كل يوم. قال: أفاعلة أنت؟ قالت: نعم، قال: فإني أفعل؛ فحلف لها وأعطاها المواثيق، لا يضيرها. وجعلت تعطيه كل يوم دينارًا؛ فكثر ماله ونمت إبله؛ حتى كان من أحسن الناس حالًا. ثم إنه ذكر أخاه، فقال: كيف ينفعني العيش، وأنا أنظر إلى قاتل أخي فلان؟ فعمد إلى فأس؛ فأحدها، ثم قعد لها، فمرت به، فتبعها، فضربها فأخطأها، ودخلت الجحر، فرمى الفأس بالجبل فوقع فوق جحرها، فأثر فيه؛ فلما رأت ما فعل قطعت عنه.

[1] أمثال العرب للمفضل الضبي "الطبعة الأولى بالقاهرة" ص81 وما بعدها.
[2] انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان: 1/ 102.
[3] وانظر كتاب الأمثال في النثر العربي القديم لعبد المجيد عابدين ص42.
[4] أمثال العرب للضبي ص106.
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست