responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 291
بمديحه والثناء عليه؛ فهو غيث منعش لأوليائه وسيف مصلت على أعدائه، وقد براه الله لرعيته عادلًا وفيًّا، لا يلقى المنكر بالمعروف ولا المعروف بالمنكر، يجزي على الإساءة إساءة وعلى الإحسان إحسانًا. وانتهى بتمثيل ما هو فيه من نعيم؛ فهو يشرب في كأس مفضضة مزج ما فيها بالمسك والطيب. ومن رائع اعتذاراته إليه قوله:
أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني ... وَتِلكَ الَّتي أهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ1
فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني ... هَراسًا بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ2
حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً ... وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ
لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً ... لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ
وَلَكِنَّني كُنتُ امرًَا لِيَ جانِبٌ ... مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ 3
مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم ... أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ
كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم ... فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا
وَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ ... إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ
فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني ... إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ4
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً ... تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ5
وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخًا لا تَلُمَّهُ ... عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ6
فَإِن أَكُ مَظلومًا فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ ... وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ7
وواضح أنه يصور نفسه في أول هذه الأبيات حين بلغه لوم النعمان بمريض،

1 أنصب: أجهد جهدًا شديدًا.
2 الهراس: شجر كثير الشوك. العائدات: الزائرات في المرض، فرشنني: بسطن لي. يقشب: يجدد.
3 جانب من الأرض: متسع. مستراد: يذهب فيه الإنسان كما يريد. كناية عن إكرام الغساسنة له في ديارهم.
4 القار: القطران، وكانوا يداوون به الإبل الجربى.
5 السورة: المنزلة. يتذبذب: يضطرب ولا يصل إليها.
6 شعث: فساد. تلمه. تجمعه وتضمه.
7 عتبى: رضًا. يعتب: يعطي العتبى والرضا.
اسم الکتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست