ذكر سيبويه في الجزء الثاني من كتابه مواضع يكون فيها كسر أوائل الأفعال المضارعة عامًا في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز وذلك في نحو مضارع "فعِل" إذا كانت لامه أو عينه ياء أو واوًا، نحو: وجِل وخشِي، مثلًا، فيقولون: نيجَل، ونِخشي؛ هكذا، فراجعه في الكتاب فإن فيه تعليلًا حسنًا. وقال في آخر هذا الفصل: إن بني تميم يخالفون العرب ويتفقون مع أهل الحجاز في فتح ياء المضارعة فقط. ونسب ابن فارس في "فقه اللغة" هذا الكسر لأسد وقيس، إلا أنه جعله عاما في أوائل الألفاظ، فمثل له بقوله: "مثل تعلمون ونعلم وشِعير وبِعير"[1].
12- القُطعة في لغة طيئ: وهي قطع اللفظ قبل تمامه, فيقولون في مثل يا أبا الحكم: يا أبا الحكا, وهي غير الترخيم المعروف في كتب النحو؛ لأن هذا مقصور على حذف آخر الاسم المنادى, أما القطعة فتتناول سائر أبنية الكلام.
13- اللَّخلخانية، وهي تعرض في لغة أعراب الشحَر وعمان، فيحذفون بعض الحروف اللينة، ويقولون في نحو ما شاء الله: مشا الله. ومن لغات الشحر المرغوب عنها ما نقله صاحب "المخصص" من أن بعضهم يقول في السيف: شَلَقَى.
14- الطُّمطمانية في لغة حِمْيَر: يبدلون لام التعريف ميمًا، وعليها جاء الحديث في مخاطبة بعضهم: $"ليس من امبر امصيام في امسفر"، أي: ليس من البر الصيام في السفر. [1] أحرف المضارعة في العبرانية والسريانية لا تلزم حركة واحدة. فتكون في العبرانية ساكنة ومكسورة ومفتوحة ومضمومة على اختلاف في هذه الحركات بين الاختلاس والإشباع والإمالة، أما في السريانية فهي ساكنة، ما عدا الهمزة فإنها متحركة أبدًا ولكن إذا ولي حروف المضارعة همزة متحركة فإنهم ينقلون حركة هذه الهمزة إليها، وإذا وليها حرف ساكن كسروها. النوع الثاني:
لغات منسوبة غير ملقبة عند العلماء، ومن أمثلته:
1- في لغة فُقيم[1]: يبدلون الياء جيما، ولغتهم في ذلك أعم من لغة قضاعة التي مرت في النوع الأول؛
لأنها غير مقيدة، فيقولون في بختي وعلي: بختجّ وعلجّ، ومنه قول الحماسي:
خالي عُوَيف وأبو عَلِجّ ... المطعمان اللحم بالعشج
أي: بالعشي، وأنشد أبو زيد لبعضهم:
يا رب إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال ساجح يأتيك بج
يريد: حجتي، ويأتيك بي؛ والساجح: السريع من الدواب[2]. وقال ابن فارس في "فقه اللغة": [1] فقيم هذه: هي فقيم دارم، لا فقيم الكنانية المسمون بنسأة الشهور؛ لأنهم كانوا يؤخرون حركة الأشهر الحرم إلى غيرها، وفيهم نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} والنسبة إلى هؤلاء فقمي، وإلى أولئك فقيمي، حذفوا الياء في الأولى للتمييز بينهما، وله نظائر في كلامهم. [2] ويروى: فلا يزال شاحج: وهو البغل؛ لأن الشحيج صوته.