قبائل العرب:
تنقسم القبائل العربية إلى قسمين: القحطانية، والعدنانية؛ وقد تداخلت لغاتهما جميعًا بعد الإسلام وصارت لغة واحدة هي القرشية، إلا فروقا قليلة بقيت في المنطق كأنها أدلة أثرية.
فمن القحطانية حمير، وغسان، ولخم، والأزد، ومذحج، وكندة، وطيء، وغيرها -وبعضهم بعد منها قضاعة أيضًا-؛ وأولئك عرب الجنوب.
أما العدنانية أو عرب الشمال وهم أهل هذه اللغة، فمنازلهم في تهامة ونجد والحجاز، إلا قريشًا فإنهم تحضروا في مكة؛ وتلك البادية هي التي صهرت اللغة وأحالتها إلى هذه السبيكة الفنية العجيبة؛ ويرجع هؤلاء العرب إلى فرعين ينتهيان إلى عدنان، وهما: عك، ومَعَدّ؛ وقد بقيت من عك بقية إلى الإسلام؛ أما معد فهو البطن العظيم الذي تناسلوا منه، وكانت قبيلة كبرى ثم انشقت إلى فرعين: نزار، وقنص؛ وتفرعت نزار إلى خمسة فروع وهي: أنمار، ومضر، وقضاعة[1] عند من لا يعدها من القحطانية، وربيعة، وإياد، وتحت كل فرع -من هذه الخمسة- قبائل كثيرة، إلا أن الفصاحة اشتهرت في مضر، حتى عرفت اللغة بالمضرية، ومن أشهر قبائلها كنانة ومن بطونها قريش ثم تميم، وقيس، وأسد، وهذيل، وضبة، ومزينة؛ وتحت كل قبيلة بطون وأفخاذ بسط النسابون عليها الكلام في كتبهم ولا فائدة في استقصائه لمثل هذا الفصل؛ وسنلم بشيء من تاريخ تفرق القبائل ومنازلها عند الكلام على أولية الشعر العربي؛ فهناك موضع الحاجة إليه. [1] الظاهر أن من يعدون قضاعة من القحطانية إنما يعتبرونها كذلك؛ لأنها لما تفرقت ذهب منها قوم فأنشئوا دولًا متحضرة في العراق والشام: كسليح، فإنهم نزلوا مشارف الشام وفلسطين، وكانت الدولة في بطن من بطونهم يسمون الضجاعمة، وهم يعملون للروم؛ وتنوخ. نزلوا البحرين، ثم رحلوا إلى الحيرة وأنشئوا هناك دولة، ومن ملوكهم جذيمة الأبرش صاحب الخبر المشهور مع الزباء؛ ومن تنوخ قوم رحلوا إلى الشام فاستعملهم الروم على بادية العرب ومشارف الشام، وبعض النسابين يقولون عن تنوخ إنها مزيج من قضاعة والأزد؛ وكثير من اللغات الشاذة يرجع إلى قضاعة هذه.