اللغات السامية:
والمراد بها لهجات سكان القسم الجنوبي من غرب آسيا من حدود الأرمن شمالًا إلى البحر العربي جنوبًا، ومن خليج العجم شرقًا إلى البحر الأحمر غربًا؛ وهي منسوبة إلى سام بن نوح عليهما السلام، باعتبار أن المتكلمين بها هم في الجملة من نسله، كما تسمى اللغات الآرية باليافثية أيضًا نسبة إلى يافث.
والذين يزعمون أصالة بعض اللغات في النوع الإنساني لا يعدون في زعمهم هذه اللهجات السامية؛ لأنهم يذهبون إلى أن مهد الإنسان الأول إنما كان حيث نشأت تلك اللغات على ضفاف الفرات ودلجة. فالعبرانيون والسريان بعض الغلاة من العرب، يزعم كل فريق منهم أن لغته أصل اللغات، وأنها كانت لغة آدم عليه السلام؛ وهذا على غرابته وانقطاعه من نسب البرهان لا يخلو من بعض المعنى في الدلالة على قدم اللغات السامية.
وعلماء اللغات يعينون السامية منها في التقسيم، بحسب موقع أهلها الجغرافي، كما كانت الشعوب السامية قديمًا ينسبون بعضهم بعضًا إلى موقعه من شرق الشمس وغربها. وذلك التقسيم أصح بيانًا في اللغة؛ لأن أشد العوامل في تغييرها إنما هو أمر الحضارة لا كرور الزمن وحده؛ فإن العبرانيين مثلًا حينما غلبهم الكلدانيون، جعلت لغتهم تفنى حتى صارت الآرامية في منطقهم إلا حيث يتعبدون, فإن لغة العبادة بقيت العبرانية، ولا تزال إلى اليوم؛ وكانت لغتهم هي العبرانية وحدها إلى الزمن الذي خرب فيه بختنصر ملك الكلدانيين ببيت المقدس وأوقع باليهود وأجلاهم عنها إلى بابل وذلك سنة 586 قبل الميلاد.
لذلك يعتبرون اللغات السامية شرقيا وغربيا، ومن الشرقي اللغتان البابلية والأشورية. والغربي عندهم قسمان: شمالي، وجنوبي؛ ويجعلون الشمال منهما قسمين أيضًا:
1- الكنعاني، ومنه العبراني والفينيقي ولغة مؤاب شرقي فلسطين وغيرها.
2- الآرامي ويجعلونه قسمين: غربي، وهو لسان اليهود المتأخرين في فلسطين ومصر، ثم هو لسان أمم أخرى؛ وشرقي، وهو لسان اليهود في بابل ولسان السريان وغيرهم.
وهذا في القسم الشمالي من الجزء الغربي من اللغات السامية؛ أما الجنوبي فهو نوعان: أحدهما لغة القبائل العربية العدنانية -أي: العرب المستعربة- والثاني لغة القبائل العاربة، وهي السبئية والحميرية والحبشية.
ويردون اللغات السامية كلها إلى ثلاثة أصول: الآرامية، والعبرانية، والعربية. كما يردون إلى