اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 66
للاستعارة".
وفيما ذهب إليه نظر؛ لأنه يستلزم أن يكون المراد بعيشة في قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] صاحب العيشة لا العيشة[1]، وبـ "ماء" في قوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: [6]] فاعل الدفق لا المَنِيّ[2]؛ لما سيأتي في تفسيره للاستعارة بالكناية[3]، وأن لا تصح الإضافة في نحو قولهم: "فلان نهاره صائم, وليله قائم"؛ لأن المراد بالنهار على هذا فلان نفسه، وإضافة الشيء إلى نفسه لا تصح. وأن لا يكون الأمر بالإيقاد على الطين في إحدى الآيتين[4] -وبالبناء فيهما- لهامان[5] مع أن النداء له[6], وأن يتوقف جواز التركيب في نحو قولهم: "أنبت الربيع البقل، وسرتني رؤيتك" على الإذن الشرعي؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية، وكل ذلك منتفٍ ظاهر الانتفاء.
ثم ذكره منقوص بنحو قولهم: "فلان نهاره صائم"؛ فإن الإسناد فيه مجاز، ولا يجوز أن يكون النهار استعارة بالكناية عن فلان؛ لأن ذكر طرفي التشبيه يمنع من حمل الكلام على الاستعارة، ويوجب حمله على التشبيه، ولهذا عُد نحو قولهم: "رأيت بفلان أسدا، ولقيني منه أسد" تشبيها لا استعارة، كما صرح السكاكي أيضا [1] وجه اللزوم أن ضمير "راضية" يعود إلى عيشة، فيلزم أن يكونا بمعنى واحد، ووجه بطلان اللازم ما فيه من ظرفية الشيء في نفسه. [2] لأن ضمير "دافق" يعود إلى ماء، فيلزم أن يكونا بمعنى واحد، ووجه بطلان اللازم ما فيه من إثبات خلق الإنسان من نفسه. [3] ما سيأتي هو أن مبناها عنده على دعوى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به. [4] أي: السابقتين, وهما: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36] , {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} [القصص: 38] . [5] بل يكون للعَمَلَة الذين شُبه هامان بهم. [6] فيكون الأمر له؛ لئلا يلزم تعدد المخاطب في كلام واحد.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 66