اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 55
الشفاء إلى الطبيب ليس بتأول. ولهذا لم يحمل نحو قول الشاعر الحماسي "المتقارب":
أشاب الصغير وأفنى الكبيـ ... ـر كر الغداة ومر العشي1
على المجاز، ما لم يعلم أو يظن أن قائله لم يُرِدْ ظاهره[2]، كما استُدل على أن إسناد "ميز" إلى "جذب الليالي" في قول أبي النجم "من الرجز":
قد أصبحت أم الخيار تدعي
علي ذنبا كله لم أصنع
من أن رأت رأسي كرأس الأصلع
ميز عنه قنزعا عن قنزع
جذب الليالي أبطئي أو أسرعي3
مجاز؛ بقوله عقيبه:
أفناه قيل الله للشمس: اطلعي ... حتى إذا واراكِ أفق فارجعي4
وسمي الإسناد في هذين القسمين من الكلام عقليا؛ لاستناده إلى العقل دون الوضع؛ لأن إسناد الكلمة إلى الكلمة شيء يحصل بقصد المتكلم دون واضع اللغة،
1 هو لقثم بن خبية المعروف بالصلتان العبدي، وقيل: إنه للصلتان الضبي، والغداة: أول النهار، وكرها: رجوعها بعد ذهابها. والعشي: أول الليل. [2] جاء في قصيدة الصلتان ما يدل على أنه لم يرد بذلك الإسناد ظاهره، وهو قوله "المتقارب":
فملتنا أننا مسلمون ... على دين صديقنا والنبي
3 هو للفضل بن قدامة المعروف بأبي النجم، والقنزع: الشعر المجتمع في نواحي الرأس، و"عن" الثانية بمعنى "بعد"، والأصلع: الذي سقط شعر مقدم رأسه، وجملتا "أبطئي أو أسرعي" حال من الليالي على تقدير القول؛ أي: مقولا فيها ذلك، بالنظر إلى اختلاف أحوالها في المسرة والمساءة.
4 فقد أسند فيه إفناء شعر الرأس إلى الله، فدل على أن إسناده قبله إلى الليالي مجاز. قيل الله: قوله، وقوله: واراك بمعنى: غيبك وسترك.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 55