اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 52
وقولنا: "في الظاهر" ليشمل ما لا يطابق اعتقاده مما يطابق الواقع، وما لا يطابقه؛ فهي أربعة أضرب:
أحدها: ما يطابق الواقع واعتقاده؛ كقول المؤمن: "أنبت الله البقل، وشفى الله المريض".
والثاني: ما يطابق الواقع دون اعتقاده؛ كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يُخفيها منه[1]: "خالق الأفعال كلها هو الله تعالى".
والثالث: ما يطابق اعتقاده دون الواقع؛ كقول الجاهل: "شفى الطبيب المريض" معتقدا شفاء المريض من الطبيب، ومنه قوله تعالى حكاية عن بعض الكفار: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] ، ولا يجوز أن يكون مجازا، والإنكار عليهم من جهة ظاهر اللفظ؛ لما فيه من إيهام الخطأ[2]، بدليل[3] قوله تعالى عقيبه: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24] . والمتجوز المخطئ في العبارة لا يوصف بالظن، وإنما الظان من يعتقد أن الأمر على ما قاله.
والرابع: ما لا يطابق شيئا منهما؛ كالأقوال الكاذبة التي يكون القائل عالما بحالها دون المخاطب[4]. [1] لأن الإسناد في قوله حينئذ يكون على ما هو له في ظاهر حاله، ولا يخفى أن الجملة هنا مركبة من مبتدأ وخبر، ولكن يصدق عليها أن فيها إسناد معنى الفعل لما هو له. [2] هذا تعليل للإنكار عليهم مع كونه مجازا؛ فقوله: "لما" متعلق بالإنكار. [3] متعلق بقوله: "ولا يجوز". [4] قيل: إن الأقوال الكاذبة حقيقة عقلية ولو علم المخاطب بحالها؛ لأن الفعل فيها مسند إلى ما هو له بحسب وضع اللغة، فهو بظاهره من شأنه أن يدل على ذلك وإن تخلَّفت الدلالة لمانع اعتقاد الكاذب؛ وبهذا تنقسم الحقيقة العقلية إلى: صادقة وكاذبة.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 52