اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 42
قال السكاكي[1]: "والأولى[2] بدون هذه[3] تمتنع، وهذه بدون الأولى لا تمتنع، كما هو حكم اللازم المجهول المساواة"[4] أي: يمتنع أن لا يحصل العلم الثاني من الخبر نفسه عند حصول الأول منه؛ لامتناع حصول الثاني قبل حصول الأول، مع أن سماع الخبر من المخبر كافٍ في حصول الثاني منه[5]. ولا يمتنع أن لا يحصل الأول من الخبر نفسه عند سماع الثاني منه؛ لجواز حصول الأول قبل حصول الثاني[6] وامتناع حصول الحاصل.
وقد ينزل العالم بفائدة الخبر ولازم فائدته منزلة الجاهل؛ لعدم جريه على موجب العلم؛ فيلقى إليه الخبر كما يلقى إلى الجاهل بأحدهما[7]. [1] المفتاح ص88. [2] هي فائدة الخبر. [3] اسم الإشارة يعود إلى لازم فائدة الخبر، وقد أنّثه باعتبار كونه فائدة أيضا. [4] كلزوم الحيوانية للإنسانية؛ لأن الحيوانية أعم، فيلزم من العلم بالإنسانية العلم بالحيوانية، ولا يلزم من العلم بالحيوانية العلم بالإنسانية. [5] لأن من يخبر بشيء لا بد أن يكون عنده علم أو ظن به؛ فالمراد بالعلم الثاني علم المخاطب بأن المخبر عالم بالحكم، والمراد بالعلم الأول علمه بذلك الحكم. [6] بأن يكون المخاطب عالما بالحكم قبل الإخبار به، فيحصل بالخبر في هذه الحالة لازم فائدته دونها؛ لامتناع تحصيل الحاصل. [7] من تنزيل العالم بالفائدة منزلة الجاهل بها, قول الفرزدق لهشام بن عبد الملك حين تجاهل معرفة علي بن الحسين, رضي الله عنهما "من البسيط":
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
ومن تنزيل العالم بلازم الفائدة منزلة الجاهل به, قولك لمن يؤذيك وهو يعلم أنك مسلم: "الله ربنا ومحمد نبينا". وقد جعل السكاكي هذا من باب تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر؛ فهو عنده مثل تنزيل غير السائل منزلة السائل ونحوه مما يأتي، وقيل: إن الخطيب لم يجعل ما هنا من ذلك الباب؛ لأن الخبر لا يختلف في التأكيد وتركه في مخاطبة الجاهل بفائدة الخبر ولازمها، ومخاطبة العالم بهما المنزل منزلة الجاهل. أما تنزيل غير السائل منزلة السائل ونحوه فيختلف في ذلك كما سيأتي، والخطب في هذا سهل.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 42