اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 29
بليغا[1].
الثاني: أن البلاغة في الكلام مرجعها إلى الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد[2]، وإلى تمييز الكلام الفصيح من غيره[3]. والثاني -أعني التمييز- منه ما يُتبين في علم متن اللغة أو التصريف أو النحو، أو يدرك بالحسن، وهو ما عدا التعقيد المعنوي[4].
وما يحترز به عن الأول -أعني الخطأ في تأدية المعنى المراد- هو علم المعاني.
وما يحترز به عن الثاني -أعني التعقيد المعنوي- هو علم البيان.
وما يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال وفصاحته هو علم البديع[5]. [1] مما هو فصيح, وليس ببليغ قول نصيب "من الوافر":
فإن تصلي أصلك وإن تعودي ... لهجر بعد وصلك لا أبالي
لأنه نسيب رديء، ومنه أيضا قول جميل "من الطويل":
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ... ولكن طلابها لما فات من عقلي
رغم أنه يهواها لذهاب عقله، وأنه لو كان عاقلا ما طلبها، وأين هذا من قول بعضهم:
وما سرني أني خلي من الهوى ... ولو أن لي من بين شرق إلى غرب
فإن كان هذا الحب ذنبي إليكم ... فلا غفر الرحمن ذلك من ذنب [2] هو المعنى الثانوي، والاحتراز عن الخطأ فيه بمراعاة مقتضى الحال. [3] لأن الفصاحة شرط في البلاغة كما سبق، وتمييز ذلك يكون بمعرفة الأمور المخلة بالفصاحة من: التنافر، والغرابة، ومخالفة القياس، وضعف التأليف, وغير هذا مما سبق. [4] ما عدا التعقيد المعنوي: هو الغرابة، ومخالفة القياس، وضعف التأليف، والتعقيد اللفظي، والتنافر، والأول يُعرف بعلم متن اللغة، والثاني بالتصريف وغيره؛ لأنه لا يختص به، والثالث والرابع بالنحو، والخامس يدرك بالحس والذوق، وبهذا تتوقف علوم البلاغة على هذه العلوم، وعلى تربية الحس والذوق بمطالعة كلام العرب. [5] بهذا تنحصر علوم البلاغة في العلوم الثلاثة، وإنما لم تجعل علوم اللغة والتصريف والنحو من علوم البلاغة مع توقف الفصاحة عليها أيضا؛ لأنها تقصد لأغراض غير الفصاحة، ومعرفة بعض نواحي الفصاحة منها تأتي بطريق العَرَض.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 29