اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 217
منكرا باعتبار تعلقه بـ "الله"، فلم يبق فرق بين التلاوة وعكسها[1].
وقد عُلم بهذا أن كل فعل متعد إلى مفعولين لم يكن الاعتناء بذكر أحدهما إلا باعتبار تعلقه بالآخر؛ إذا قدم أحدهما على الآخر لم يصح تعليل تقديمه بالعناية.
وثانيها: أنه جعل التقديم للاحتراز عن الإخلال ببيان المعنى، والتقديم للرعاية على الفاصلة من القسم الثاني، وليسا منه[2].
وثالثها: أن تعلق "من قومه" بـ "الدنيا" على تقدير تأخره غير معقول المعنى إلا على وجه بعيد[3]. [1] يعني من هذه الجهة، فلا ينافي هذا ما سبق له في الكلام على حذف المسند، وهو أن تقديم "لله" على "شركاء" لإفادة استعظام أن يتخذ له شريك ملكا كان أو جنا أو غيرهما. ويمكن الجواب عن السكاكي بأنه جعل تقديم "الله" لكونه نصب العين، وهذا يوجب تقديمه عنده، وإن كان ما سيقت له الآية من الإنكار التوبيخي يحصل عند تأخيره. [2] لأن المراد به تقديم ما حقه التأخير، والجار والمجرور في قوله: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ... } [المؤمنون: 33] حال من الملأ، واسم الموصول صفة لقومه لا للملأ كما ذهب إليه السكاكي. فلا يكون الحال حقه في التأخير عنها؛ لأنها ليست صفة لصاحبه، وكذلك تقديم هارون على موسى في قوله: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 70] لأن المتعاطفين بالواو ليس من حق أحدهما التأخر عن الآخر. وقد أجيب عن السكاكي بأن تقسيمه التقديم للعناية مبني على أن العناية في القسم الأول ترجع إلى مجرد أن التقديم فيه هو الأصل، وفي القسم الثاني ترجع إلى الأمور التي ذكرها، وليس مبنيا على أن التقديم في القسم الأول تقديم ما أصله التقديم، وفي القسم الثاني تقديم ما حقه التأخير حتى يصح الاعتراض عليه بذلك. [3] أجيب عن هذا بأن احتمال ذلك فيه، ولو كان بعيدا، يكفي في إثبات ما ذكره السكاكي في نكتة تقديمه، ولكن الأوجه من هذا أن يجعل المانع من تأخيره طول الصفة بالصلة وما عطف عليها، فلو أخر عنها لطال الفصل بين ضمير "قومه" ومرجحه.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 217