اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 17
فالضعف[1]: كما في قولنا: "ضرب غلامُه زيدًا"؛ فإن رجوع الضمير إلى المفعول المتأخر لفظا ممتنع عند الجمهور؛ لئلا يلزم رجوعه إلى ما هو متأخر لفظا ورتبة، وقيل: يجوز[2]؛ كقول الشاعر "من الطويل":
جزى ربُّهُ عني عديَّ بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات، وقد فعل3
وأجيب عنه بأن الضمير لمصدر "جزى" أي: رب الجزاء؛ كما في قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [4] [المائدة: 8] أي: العدل.
والتنافر: منه ما تكون الكلمات بسببه متناهية في الثقل على اللسان، وعسر النطق بها متتابعة؛ كما في البيت الذي أنشده الجاحظ "من الرجز": [1] ضعف التأليف: هو أن يكون تأليف الكلام على خلاف المشهور من قواعد النحو، وإنما قيد الخلاف بالمشهور من القواعد؛ لأن خلاف المجمع عليها خطأ لا ضعف تأليف. [2] هذا مقابل قوله: "ممتنع عند الجمهور" فهو قول بعض النحاة أيضا، وليس قولا لبعض علماء البلاغة؛ لأنهم متفقون على أن ذلك ضعف تأليف.
3 نسبوه لزياد بن معاوية "المعروف بالنابغة الذبياني"، وقيل: إنه لأبي الأسود الدؤلي, وقيل: إنه مولد مصنوع. وجزاء الكلاب: الضرب بالحجارة، وجملة "جزى ربه" دعائية، يعني: أنه يدعو عليه بذلك، وقد حقق الله دعاءه، ولا يخفى ما في هذا من عدم التلاؤم، والأولى أن يعود ضمير "فعل" إلى "عدي"، والمراد ما فعله معه من الإساءة إليه، والحق أن هذا البيت ليس للنابغة، وإنما هو اشتباه بقوله:
جزى الله عبسا عبس آل بغيض ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل [4] وهذا قياس مع الفارق؛ لأن الضمير في الآية ظاهر العود إلى "العدل"، أما البيت فضميره ظاهر العود إلى "عدي"، ولا داعي إلى تكلف عوده إلى الجزاء.
ومن ضعف التأليف وقوع ضمير الوصل بعد "إلا" في قول الشاعر "البسيط":
وما علينا إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار
ومنه حذف "أن" مع بقاء عملها، كقول طرفة "الطويل":
ألا أيهذا الزاجري أَحْضَرَ الوغى ... وأَنْ أشهدَ اللذات هل أنت مخلدي؟!
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 17