اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 156
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأي مختلف1
أي: نحن بما عندنا راضون. وكقول أبي الطيب "من الكامل":
قالت وقد رأت اصفراري: من به؟ ... وتَنَهّدتْ، فأجبتها: المتنهِّد2
أي: المتنهد هو المطالَب به[3]، دون: المطالب به هو المتنهد, إن فسر بمن المطالب به؟ لأن مطلوب السائلة -على هذا- الحكم على شخص معين بأنه المطالب به ليتعين عندها، لا الحكم على المطالب به بالتعيين، وقيل: معناه من فعل به؟ فيكون التقدير: فعل به المتنهد[4].
وإما بدون الضيق، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] على وجه؛ أي: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، ويجوز أن يكون جملة واحدة، وتوحيد الضمير لأنه لا تفاوت بين رضا الله ورضا رسوله، فكانا في حكم مَرضِيّ
1 هو لعمرو بن امرئ القيس الخزرجي، أو لقيس بن الخطيم، وقبله "من المنسرح":
يا مال والسيد المعمم قد ... يُبطره بعض الرأي والسَّرَف
يخاطب مالك بن العجلان حين رد قضاءه في واقعة للأوس والخزرج، مال: ترخيم مالك، وأراد بـ "والرأي مختلف" أن يتبع كل منهما رأيه على اختلافهما؛ لرضا كل منهما برأيه، وعدم انقياده لصاحبه. وضيق المقام هنا بسبب الشعر، وعدم استعداد المخاطَب لقبول الكلام، وقد حذف في هذا البيت من الأول لدلالة الثاني، على عكس البيت السابق.
2 هو لأحمد بن الحسين المعروف بأبي الطيب المتنبي. وقد عنى اصفراره مما يلقاه من حبها، وقوله: "به" متعلق بمحذوف تقديره المطالب، وقوله: "وتنهدت" يعني به أنها تنهدت لما رأته من اصفراره. [3] فيكون من حذف المسند لا المسند إليه. وقد أجاز السكاكي كلا من التقديرين؛ لأنه إذا جُعلت "من" مبتدأ على مذهب سيبويه والمحذوف خبرا، فالأحسن أن يقدر: "المتنهد هو المطالب به"؛ ليطابق الجواب السؤال، وإذا جعلتَ "من" خبرا مقدما فالأحسن أن يقدر: "المطالب به هو المتنهد" ليطابق الجواب السؤال أيضا. [4] هو من حذف المسند أيضا، ولكنه "فعلَ" على هذا التقدير.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 156