responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 81
ولعل جسر العشرين كان من اصعب الجسور التي أجتازها بدر فقد أحس انه يعبر حدا فاصلا بين عهدين، وهو لا يدري إلى أين تتجه به الاقدار؛ كان قد سمى المجموعة الشعرية التي رتبها في كراس " أزهار ذابلة "، وكان بعض رفاقه يلومه على هذه التسمية، وهو ما يزال في ريعان الشباب وعلى بداية الطريق المبلغ للآمال، ولكن حادثة فصله من دار المعلمين، قد ألقت به في مهواة يأس لا قرار لها، ولذلك فأن كلماته تنضح بالعذاب القاتل المروع وهو يخاطب صديقه خالدا بقوله: " أي خالد كم عاهدت نفسي في سكون الليل العميق أن اخفت نغمة اليأس في أشعاري وأمحو صورة الموت من أفكاري، حتى لا تسمع الآذان ركزا من تلك، ولا تبصر العيون خطأ من هذه، لكنني واحسرتاه عدت بصفقة الخاسر، وحظ الخائب، وقد نذرت نفسي للألم والشقاء واليأس والفناء؛ ما اجهل من لامني على ان سميت مجموعة أشعاري " بالأزهر الذابلة " ليته كان معي ليرى أن كل الكون: الأرض والسماء والتراب والماء والصخر والهواء، أزهار ذابلة؟ ذابلة في عيني الشاحبتين ونفسي الهامدة الخامدة " [1] .
ولم تسعفه القراءة كثيرا على العزاء، بل لعلها زادت في ألمه لأنها فتحت عينيه على مفارقة جديدة: كان يقرأ البحيرة للامرتين ويتنقل بين الخلجان والوديان والكروم وحوافي البحيرة وقنن الجبال والغيران الموحشة والشلالات الهادرة في صدوع الصخور من " سفوا " ويحس بضآلة الريف الذي كان يتغنى بجماله: " رباه اعطني مثل هذه السعادة وأن كانت قصيرة الأجل خائبة الأمل، فان من ذكرياتها ما يملأ فراغ الأيام وما يمنع الحب أن يزور من جديد " [2] .
وضاق صدر خالد؟ على سمعته - بهذا الوضع المتردي الذي

[1] الرسالة السابقة.
[2] الرسالة السابقة.
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست