responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 64
- مضنية ولكنها جميلة - إلى الجانب الآخر من شط العرب؛ لو تراني وقد القاني الزورق على ارض رسوبية نبت عليها القصب والعشب المائي؟ إذ أن ماء الجزر لا يوصل الزورق إلى الشاطئ - لقد خلعت نعلي وسرت في الطين، وانا اشق طريقي بين القصب، ثم وصولي إلى الشاطئ؟ إلى ارض لا اعرف منها غير أسماء بعض ساكنيها. وقفت وقدماي داميتان، ويداي مزينتان بالجراح على الشاطئ المقفر، أتلفت فلا أرى صدى، وأنصت فلا اسمع غير انين الريح، لقد نسج الخيال رواية عنوانها " موت الشاعر "؟. ولو تحدثت لطال الحديث " [1] .
هذه التجربة الصغيرة التي خرج منها الشاعر " دامي القدمين مزين اليدين بالجراح "، على مسافة غير بعيدة عن النخلة الفرعاء والقبر الذي يقع على الجهة الأخرى من النهر لم توح له إلا بفكرة " الموت "؛ وهي نفس الصورة التي استوحاها من قصص الهوى المخفق، كلاهما؟ اعني الحب وهذه الرحلة - سفرة قصيرة المدى، لكنها متشابهتان في نوع الألم والجراح، وما تنزه الأصابع عند تشبث الشوك والحصى بها، لأنهما متشابهتان في البعد عن النخلة الفرعاء والقبر الذي يقع على مقربة منها، وحين تحيا هذه الصورة نفسها في نفس الشاعر رغم السنوان الطويلة وعوامل النسيان الكثيرة على ظهر هذه الأرض فمعنى ذلك أن رحلة الحب ورحلة العمر - كانتا تنكمشان دائما إلى نقطة البداية، فإذا هما دائما عودة إلى الطفولة، إلى تلك النخلة الفرعاء نفسها التي ظلت تؤويه إليها وهو يبحث عن درة بين المحار فلا يجدها، وكل ما تجاوز هذه النخلة وظلها الوارف فهو ليس حبا، إنما هو إخفاق، أو موت على نحو ما؛ ولهذا كان كل حب مخفقا منذ البداية لأنه يمثل تجربة نمو، وكان الشاعر يقاوم هذا النمو دائما، لأنه يعني الانفصام

[1] من رسالة إلى خالد (البصرة، أبو الخصيب) 26/7/1947 (اقتبست دون حذف) .
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست