اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 431
هذه الجوارح من الإنسان؛ وليس للطيب والبَيضِ واليلَب ما يُشبه القلب، ولا ما يجري مع هذه الاستعارة في طريق.
وقوله:
ملء فؤاد الزمان إحداها
إن عدل به الى أهله وأزيل عن مقتضى لفظه اختلّ المعنى وانقطع عن قولِه بعده:
فإنْ أتى حظُّها بأزمنةٍ ... أوسعَ من ذا الزّمانِ أبْداها
فهذا فصلٌ واضح وفرقٌ ظاهر. وأما أبيات شاتم الدهر فإنما صدرت مصدرَ الهزْل، وجرَتْ على عادةٍ في الاستعمال مُتداولةٍ؛ وذلك أنهم لما ابتذلوا اسمَ الدهر واعتمدوا على صرْفِه في الشكاية والشُكر، وأحالوا عليه باللّوم والعتْب، وألِفوا ذلك واعتادوه حتى صار أغلبَ على كلامهم، وأكثر في شعرهم وخطابهم من ذِكر أهله وأبنائه، ومن تقعُ هذه المحامد والملاوم عنه، ويحدُثُ أسبابُها عن جهته صار كالشخص المحمود المذموم، والإنسان المحسنِ المسيء، فوُصِف بأوصافه، وحلي بحلاه، وجعل له أعضاء تعدّ وتُنعت، وتستكرم وتستُهجَن، ومثل هذه الألفاظ قول امرئ القيس؛ يريد الليل:
فقلتُ له لما تمطّى بصُلبِه ... وأردَف أعْجازاً وناء بكلْكَلِ
اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 431