الرحمة:
سأكون في هذه المرة شاعرا بلا قافية ولا بحر؛ لأني أريد أن أخاطب القلب وجهًا لوجه، ولا سبيل إلى ذلك إلا سبيل الشعر.
إن البذور تلقى في الأرض فلا تنبت إلا إذا حرث الحارث تربتها وجعل عاليها سافلها، وكذلك القلب لا تبلغ منه العظة إلا إذا داخلته وتخللت أجزاء، وبلغت سويداءه، ولا محراث للقلب غير الشعر.
أيها الرجل السعيد كن رحميًا، أشعِر قلبك الرحمة، ليكن قلبُك الرحمةَ بعينها.
ستقول إني غير سعيد لأن بين جنبي قلبًا يُلم به من الهم ما يُلم بغيره من القلوب، أجل فليكن ذلك كذلك، ولكن أطعم الجائع، واكس العاري وعز المحزون وفرّج كربة المكروب يكن لك من هذا المجتمع البائس خير عزاء يعزيك عن همومك وأحزانك، ولا تعجب أن يأتيك النور من سواد الحلك، فالبدر لا يطلع إلا