حسد القويُّ الضعيفَ عليهما فزواهما[1] واحتجنهما[2] دونه فأصبح فقيرًا معدمًا. شاكيًا متظلمًا. غرماؤه المياسير الأغنياء، لا الأرض والسماء.
ليتني أملك ذلك العقل التي يملكه هؤلاء الناس، فأستطيع أن أتصور كما يتصورون حجة الأقوياء في أنهم أحق بإحراز المال، وأولى بامتلاكه من الضعفاء، إن كانت القوة حجتهم عليهم، فلم لا يملكون بهذه الحجة سلب أرواحهم كما ملكوا سلب أموالهم، وما الحياة في نظر الحي بأثمن قيمة من اللقمة في يد الجائع، وإن كانت حجتهم أنهم ورثوا ذلك المال من آبائهم، قلنا لهم: إن كانت الأبوة علة الميراث، فلم ورثتم آباءكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم أقوياء؛ فاغتصبوا ذلك المال من الضعفاء، وكان حقًّا عليهم أن يردوا إليهم ما اغتصبوا منهم، فإن كنتم لا بد ورثاءهم فاخلفوهم في رد المال إلى أربابه، لا في الاستمرار على اغتصابه.
ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان، وما أقسى قلوبهم، ينام أحدهم ملء جفنيه على فراشة الوثير ولا يقلقه في مضجعه أنه [1] روي عنه حقه منعه إياه. [2] احتجن الشيء إذا جذبه بالمحجن إلى نفسه والمحجن الصولجان، والمراد أنه استأثر به.