وعندي أن أكثر ما يصيب النوابغ والأذكياء من بؤس العيش وسوء الحال عائد إلى ضعف في عقولهم، ونقص في تصوراتهم، وبعد فالذكاء في رأس الإنسان كالسيف في يد الشجاع، وكثيرا ما يضرب الشجاع رأس نفسه بسيفه إذا كان طائشا أهوج لا يملك نفسه في موقف من مواقف الحزن أو الغضب.
فماذا يغني المرأة ذكاؤها إذا لم يكن وراءه عقل يملكها ويصرفها ويمسك بيدها أن تعثر في جريانها واشتدادها بعقبة من عقبات هذه الحياة.
سيثقل هذا الحكم على نفوس النساء ونفوس الرجال الذين يجاملونهن، ولكن ماذا أعمل وبين يدي برهان قاطع ليس في استطاعتهن أن ينازعنني فيه مع شدة ذكائهن، ولا في استطاعة أنصارهن من الرجال أن ينقضوه ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
لولا أن الرجل أعقل من المرأة ما كان له عليها هذا السلطان وذلك الغلب, ولا استطاع أن يقودها وراءه كما يقاد الجنيب[1], ولا أن يملك عليها أمر فقرها وغناها وحبسها وإطلاقها وحجابها وسفورها, ويستأثر من دونها بوضع القوانين والشرائع الخاصة بها [1] الجنيب المهر الذي يقاد إلى مهر آخر.