بانتقاله من السكون إلى الحركة ومن طور الخفاء إلى طور الظهور.
لذلك كانت الهجرة مبدأ تاريخ الإسلام؛ لأنها أكبر مظهر من مظاهره وكانت عيدا يحتفل به المسلمون في كل عام؛ لأنها أجمل ذكرى للثبات على الحق والجهاد في سبيل الله.
لقد لقى -صلى الله عليه وسلم- في هجرته عناء كبيرا وشدة عظيمة, فإن قومه كانوا يكرهون مهاجرته لا ضنا به بل مخافة أن يجد في دار هجرته الأعوان والأنصار ما لم يجد بينهم, كأنما كانوا يشعرون بأنه طالب حق وأن طالب الحق لا بد أن يجد بين المحقين أعوانا وأنصارا، فوضعوا عليه العيون والجواسيس فخرج من بينهم ليلة الهجرة متنكرا بعد ما ترك في فراشه ابن عمه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عبثا بهم وتضليلا لهم عن اللحاق به, ومشى هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه يتسلقان الصخور ويتسربان في الأغوار والكهوف ويلوذان بأكناف الشعاب والهضاب حتى انقطع عنهم الطلب, وتم لهما ما أرادا بفضل الصبر والثبات على الحق.
إن حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم مثال يجب أن يحتذيه المسلمون للوصول إلى التخلق بأشرف الأخلاق والتحلي بأكرم الخصال وأحسن مدرسة يجب أن يتعلموا فيها كيف