responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنهاج الواضح للبلاغة المؤلف : حامد عونى    الجزء : 1  صفحة : 83
وإذا كان المقصود تزيين المشبه أو تقبيحه بإلحاقه بمشبه به حسن أو قبيح, وجب لتحقيق هذين الغرضين أن يكون المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه. ولا شك أن في سواد مقلة الظبي من الحسن ما ليس في وجه أسود, وأن فيما نراه من قباحة القرد والعجوز المذكورين ما لا تجده في إنسان يشير محدثًا، مهما قبح منظره, وشاه خلقه.
السابع: استطراف المشبه أي: جعله طريفًا بديعًا في خيال السامع, وذلك يكون بأمرين:
الأول: أن يبرز في صورة ممتنعة الوجود عادة كما في تشبيه فحم سرت فيه النار ببحر من المسك, موجه الذهب. فإن صورة البحر المذكور عزيزة الوجود "كما ترى" فإذا أبرز المشبه المبتذل الذي لا يؤبه له لتفاهته "كالفحم المذكور" في صورة شيء نفيس ممتنع "كالصورة المذكورة للبحر" تخيله السامع طريفًا بديعًا.
الثاني: أن يشبه بشيء يندر حضوره في الذهن عند حضور المشبه؛ لما بينهما من بعد المناسبة, كقول عدي بن الرقاع يصف قرن الغزال:
تزجي أغن كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها1
فصورة القلم عليه أثر المداد قلما تخطر بالبال عند تصور قرن الغزال, فقد أراد الشاعر عناقًا بين متباعدين، وتآلفًا بين مختلفين, ومن هنا جاء الاستطراف. ومثله ما تقدم لك في تشبيه أزهار البنفسج فوق سيقانها بالنار في أطراف الكبريت، حيث أراك شبها لنبات غض وأوراق رطبة بلهب نار في جسم استولى عليه اليبس, ومبنى للطباع على أن الشيء إذا ظهر في مكان لم يعهد ظهوره فيه كانت صبابة النفس به أكثر، وكان الشغف به والميل إليه أجدر.
ولا يشترط لتحقيق هذا الغرض ما اشترط في غيره، من كون المشبه به أشهر وأتم في وجه الشبه من المشبه, بل كلما كان المشبه به أندر, وأخفى كان التشبيه لتأدية هذا الغرض أتم وأوفى.

1 "تزجي": تسوق, و"الأغن": غزال في صوته غنة، و"روقه": قرنه, و"إبرة": طرف القرن, و"المداد": الحبر, و"الدواة": المحبرة.
اسم الکتاب : المنهاج الواضح للبلاغة المؤلف : حامد عونى    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست