responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنهاج الواضح للبلاغة المؤلف : حامد عونى    الجزء : 1  صفحة : 173
يضيء زيت من غير أن تمسه نار، ولكن الذي قربه إلى الإمكان، وجعل الذهن يستسيغه لفظ {يَكَادُ} الذي أفاد أن المدعى لم يكن، ولكنه قارب أن يكون مبالغة, ومن هنا كان الغلو مقبولًا.
الثاني: ما تضمن حسن تخييل, كقول المتنبي يصف خيلًا:
عقدت سنابكها عليها عثيرًا ... لو تبتغي عنقًا عليه لأمكنا1
ادعى الشاعر أن الغبار المثار فوق الرءوس من سنابك الخيل قد تراكم وتكاثف، بحيث صار أرضًا في استطاعة الخيل "لو أرادت" أن تسير عليه كما تسير على الأرض, وهذا "كما ترى" ممتنع عقلًا وعادة، ولكن الذي جعله مقبولًا مستساغًا أنه تضمن تخيلا حسنا، نشأ من ادعاء كثرة الغبار, وتكاثفه حتى صار بمثابة الأرض المعلقة في الهواء إلى ما اقترن به مما قربه إلى الإمكان، وهو لفظ "لو" الدالة على أن مدعاه لم يكن. ومنه قول المعري يصف سيفًا:
يذيب الرعب منه كل عضب ... فلولا الغمد يمسكه لسالا
الثالث: ما خرج مخرج الخلاعة والمجون, كقول الشاعر:
أسكر بالأمس إن عزمت على الشر ... ب غدا إن ذا من العجب
ادعى أن شغفه بالشراب وصل إلى درجة أن يسكر بالأمس، عند عزمه على الشرب غدا. ولا شك أن ذلك محال عقلًا وعادة, ولكن لما أتى بالكلام على سبيل الهزل والمجون كان الغلو مقبولًا. وكقول الآخر:
ومر بفكري خاطرًا فجرحته ... ولم أر خلقًا يجرحه الفكر
ادعى أن فكره جرح محبوبه وهو أمر محال الحصول في العقل والعادة, لكن خروج الكلام مخرج الخلاعة والتظرف جعله مقبولًا مساغًا.
والمردود ما ليس ممكنًا لا عقلًا, ولا عادة ولم يكن أحد الأنواع

1 السنابك: الحوافر, والعثير بكسر فسكون ففتح: الغبار, والعنق بفتح العين والنون: السريع, وضمير "عليها" للخيل.
اسم الکتاب : المنهاج الواضح للبلاغة المؤلف : حامد عونى    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست