responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقابسات المؤلف : أبو حيّان التوحيدي    الجزء : 1  صفحة : 254
صحة جسدك بإزاء عفة نفسك، وشجاعة نفسك بإزاء قوة جسدك، وتمام جسدك بازاء حكمة نفسك، وعدالة نفسك بإزاء حسن جسدك، فلا تقطع بين هذه القرائن فبها شرفك وإليها توجهك. أنت من نفس وبدن، تبيد بالبدن وتخلد النفس، فاقصر سعيك على ما يبقى ولا تلتفت إلى ما تبيد معه. أنت صورة لنفسك وبدنك إلا أنك مستقيم من حقيقة ورثتها من نفسك ومجاز داخل عليك من بدنك، فوفر عنايتك على مستخلص حقيقتك من مجازك وتفضي به إلى شرف غايتك. أخذ النفس أكثر من إعطائها للطبيعة، وتقبل الباري أكثر من فيضه على النفس، وبروز العقل بالطبيعة أشد من استجابتها للنفس، وذو النفس والطبيعة في جهاد دائم وكدح متصل. يقبل العقل والفعل ولكن في الأفق الأعلى، وشوق النفس انفعال ولكن في الرتبة الوسط، وبث الطبيعة انفعال ولكنه في السياح الأول من ذي الطبيعة. كذب روائك الخمس إلا إذا شهد لدعواها العقل الرضي. كنت بددا في حكم المعدوم. فنظمت بعيداً من العيب مشهوداً له بالعجب، فلست إلا لأمر هو أعجب منك، فإن شبهت معادك بمبدئك بشهادة الحس أخطأت، وإن رجحته على ذلك فيوشك أن تكون مصيباً. لك وجودك الثاني على هذا الشرح وجودك الأول، فكذا لا يشبه وجودك الثالث هذا الذي أنت عليه. الطبيعة تسوس مزاج البدن، والنفس تسوس دواعي الطبيعة، والعقل يسوس سكان النفس بالنظام المحم ولكن المنتظم مستهدم، أنت مسكن لغيرك فاجتهد أن لا يتحول عنك ساكنك كارهاً لك، واعلم أنه إن اصطفاك حولك معه. الإنسان الجاهل ميت، والعالم المتجاهل عليل، والمؤثر للخير حي صحيح. إذا كنت تجد حياً تحكم عليه بالموت بسبب اقتضى ذلك فلا تنكر أن تجد ميتاً تحكم له بالحياة بسبب يقتضي ذلك. لا تتخذ مراد الطبيعة مقيلاً فإنك تزعج عنه أهدأ ما تكون

اسم الکتاب : المقابسات المؤلف : أبو حيّان التوحيدي    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست