responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقابسات المؤلف : أبو حيّان التوحيدي    الجزء : 1  صفحة : 243
المقابسة الثامنة والخمسون
في أننا نساق بالطبيعة إلى الموت وبالعقل إلى الحياة
سمعت أبا سليمان يقول: نحن نساق بالطبيعة إلى الموت، ونساق بالعقل إلى الحياة، لأن الذي هو بالطبيعة قد أحاطت به الضرورة، والذي بالعقل قد أطاف به الاختيار، ولهذا الفرق الذي استبان وجب أن نستسلم لأحدهما ونتحرم للآخر، ولا يصح الاستسلام إلا بطيب النفس فيما لا حيلة في دفعه، ولا يتم التحرم إلا بإيثار الحد فيما لا ينال إلا به، والضروري لا يسعى له لأنه واصل، والاختياري لا يكسل عنه لأنه غير حاصل لديك، فانظر أين تدع توكلك فيما ليس إليك، ومن أين تطلب ثمرة اجتهادك فيما هو متعلق بك.
ثم قال: نحن نقضي ما علينا، ونجتهد في ما لدينا، ويجري الدهر بما شئنا أو أبينا.
ثم قال أيضاً في هذا الفصل على تقطع علائق الحديث ومحادثة بعض الحاضرين: الإنسان مسجون بالضرورة والاختيار، وعلى ذلك فمعاده إلى غايته التي هو متوجه إليها من جهة اختياره، ومتوجه به نحوها من جهة اضطراره. وهذه كالحيرة ولا سبيل إلى محيرها واستبانة كنهها بحق ما عرض، لأن الصورة عنونت الاختيار، والهيولى رسمت الاضطرار، والذي يكونه بهما يضرب على حديهما ووتيرتيهما، وإنما كا الاختيار منسوباً إلى الصورة بحق الشرف، وإنما كان الاضطرار منسوباً إلى الهيولى بحسب الخسة. والإنسان كالإناء لهما، وبالتباسه بهما والتباسهما به ما عرض هذا الصراخ والعويل، واحتيج فيه إلى القال والقيل، والله المستعان في كل ما عز وهان، فليكن هذا مقنعاً إن لم يكن شافياً، والسلام.

اسم الکتاب : المقابسات المؤلف : أبو حيّان التوحيدي    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست