اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 681
فأذاني إيذاء شديدًا، ولكن قناتي ظلت صلبة واستطعت أن أقوض كبرياءه في عقر بيته وفوق كرسي السربون.
ولم تمر هذه المعركة بلا غنيمة، وقد وقف المسيو ماسنيون يوم أديت امتحان الدكتوراه وقال: "إنني حين أقرأ أبحاث طه حسين أقول هذه بضاعتنا ردت إلينا، وحين أقرأ أبحاث زكي مبارك أشعر بأنني أواجه شخصية جديدة".
فإن كنت في ريب من ذلك فاسأل من حضروا امتحاني في السربون وكانوا مئات، وفيهم مدير البعثة المصرية في باريس.
لقد اشتغلت أنا بالصحافة واشتغلت أنت بالصحافة, وإليك الفرق بين الشخصيتين، كنت أنا رئيسا لتحرير جريدة الأفكار، وكانت تدافع عن مبادئ الحزب الوطني وكان يشرف عليها عبد اللطيف بك الصوفاني فكنا نختلف ونختصم كل صباح لأني كنت آبى أن أكتب غير ما أراه من التعليقات السياسية, وأنت اليوم رئيس تحرير جريدة وفدية فهل تدري ماذا تصنع!
تدخل إلى مكتبك فلا تكتب سطرا قبل أن تتصل تليفونيا بهذا أو ذاك لتتلقى الوحي ثم تكتب ما يلقى عليك وكأنك الببغاء.
اشتغلت أنت بالتأليف واشتغلت أنا بالتأليف وإليك الفرق، مضيت أنت فانتهبت آراء المستشرقين وتوغلت فسرقت حجج المبشرين وكان نصيبك ذلك التقرير الذي دمغتك به النيابة العمومية، وأنت تعلم أن ليس لك رأي واحد وصلت إليه بعد جهد وبحث.
واشتغلت أنا بالتأليف فكانت آرائي مبتكرة ولم يستطع أحد
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 681