responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 66
واحد أراه بديهيا بالقياس إلى المصريين وما أعرف أن مصريا واحدا يستطيع أن يخالفني فيه مهما تكن ميوله ومذاهبه وهو أمر "الوحدة السياسية".
فالمصريون لا يتصورون اشتراكهم في إمبراطورية عربية مهما يكن مستقرها ومهما يكن شكلها ومهما تكن نظم الحكم فيها، لا يتصورون إلا أن يكونوا دولة مستقلة معاونة لغيرها من دول الشرق العربي بأسباب المعاونة السياسية المعقولة التي تلائم المنفعة والحق والعدل، وما أرى أن عليهم في ذلك بأسًا. وما أرى أن أحدًا يستطيع أن يطالبهم بأكثر من ذلك. وما أرى أن مطالبتهم بأكثر من ذلك نفعا لأحد وإنما الكلام في ذلك لغو وإطالة لا غناء فيهما.
ومن الناس من ينكر على مصر حرصها على تراثها الفرعوني القديم ويشوهون هذا الحرص ألوانا من التشويه، فليكن رأيي في ذلك واضحا جليا وهو فيما أعتقد رأي المصريين جميعا لا يختلفون فيه، فمصر حريصة على تاريخها كله لا تنزل عنه عن قليل أو كثير وهي إذا حرصت على تاريخها الفرعوني لا تريد أن تعود إلى دين الفراعنة. فهذا سخف، ولا تريد أن تتكلم اللغة المصرية القديمة مكان اللغة العربية فهذا سخف أيضًا ولا تريد أن تصطنع نظم الحكم الفرعوني مكان نظمها الديموقراطية الحديثة.
وإنما تريد أن تنظر إلى هذا التاريخ بما كان فيه من خير وشر على أنه جزء من حياتها ومقوم لوحدتها ومكون لوطنيتها، تفخر بما يدعو منه إلى الفخر، وتألم بما يدعو منه إلى الألم وتعتبر بما يثير منه العبرة وتنتفع بما يمكن أن يكون مصدرًا للنفع، وكل مصري يزعم غير هذا فهو إما خادع أو مخدوع أو ضعيف الوطنية وما أعرف أن من المصريين من تضعف وطنيته فيفرط في تاريخه أو تضعف أخلاقه فيؤثر الخداع أو تضعف شخصيته فينخدع بتمويه الموهمين.

اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست