اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 64
ولا البرازيل ولا البرتغال فاسمحوا لي أن أناقشكم:
إن تقلبات الزمان، أزالت من الوجود جميع تلك الأمثلة الشواهد. وحرمت النظرية التي تقولون بها إمكان الاستناد إليها.
"إن قضية هذه البلاد لا تشبه قضية البلاد العربية بوجه من الوجوه فإن الأقطار العربية تتصل بعضها ببعض اتصالا جغرافيا تمامًا ... والقطر المصري يشغل بين هذه الأقطار مركزًا هاما. أما الحدود التي تفصلها عن سائر الأقطار العربية فتنحصر -في بعض الجهات- بخطوط وهمية ممتدة فوق رمال الصحراء. فهل تعتقدون أن هذه الخطوط الوهمية التي تفصل مصر عن سائر الأقطار العربية بصورة اعتبارية واصطناعية تستطيع أن تعمل عملا مماثلا لعمل المحيط الذي يفصل أمريكا عن أوربا؟
قلتم: إن كان لي نصيحة أسديها إليكم فهي أن تتمسكوا بالواقع العملي وتهملوا ما سواه مهما كانت قوته العاطفية والخيالية، افهموا أن المنفعة تسير الشعوب فإن لم تفهموا هذا فسترغمون على فهمه غدا.
تقولون: إن المنفعة تسير الشعوب. فهل تعتقدون أن اتحاد الأقطار العربية مخالف لمنافعها أو خال منها؟ وهل تدعون أن منافع كل واحد من الأقطار العربية ستحول دون اتحادها؟
أما أنا فأعتقد عكس ذلك تمامًا. أعتقد أن فكرة الوحدة العربية لا تستند إلى العاطفة وحدها بل تستند إلى المنفعة أيضًا، أعتقد أن منفعة مصر نفسها تتطلب منها الاتحاد مع سائر البلاد العربية، بل هي من المنافع الهامة الحيوية، وإذا كان الذين يقدرون أهمية هذه المنافع لا يزالون قليلين اليوم فلا شك أنهم سيكثرون يوما بعد يوم.
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 64