responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 588
فقر لم تعرفه أمة غيرها. صحراء قفراء، قليل من الماء يثير الحرب والدماء.
جهاد وكفاح لا ينقطعان في سبيل العيش والحياة. أمة لاقت الحرمان وجها لوجه, وما عرفت طيب الثمار وجري الأنهار ورغد العيش ومعنى اللذة إلا في السير والأخبار، كل تفكير العرب وكل فن العرب في لذة الحس والمادة, لذة سريعة مفهومة مختطفة اختطافا لأن كل شيء عند العرب سرعة ونهب واختطاف, وعند الإغريق الحركة، أي الحياة، وعند العرب السرعة، أي اللذة، لم تفتح أمة العالم بأسرع من العرب، ومر العرب بحضارات مختلفة فاختطفوا من أطايبها اختطافا راكضا على ظهور الجياد. كل شيء قد يحسونه إلا عاطفة الاستقرار وكيف يعرفون الاستقرار وليس لهم أرض ولا ماض ولا عمران لهذا السبب لم يعرف العرب البناء، سواء في العمارة التي عرفها تاريخ الفن. وإذا عاش لليوم فإنه يعيش بالزخرف، فن الزخرف العربي أنقذ العمارة العربية.
أما فن الزخرف العربي فهو في الحق أجمل وأعجب فن للزخرف خلده التاريخ، والزخرف عند العرب وليد ذل الحلم باللذة والترف. كل شيء عند العرب زخرف. الأدب نثر وشعر لا يقوم على البناء، فلا ملاحم ولا قصص ولا تمثيل, إنما هو شيء مرصع جميل يلذ الحس. فسيفساء اللفظ والمعنى وأرابسك العبارات والجمل، كل مقامة للحريري كأنها باب لجامع المؤيد. تقطيع هندسي بديع, وتطعيم بالذهب والفضة، لا يكاد الإنسان يقف عليه حتى يترنح مأخوذا بالبهرج الخلاب.
قد يكون للطين دخل في النحت والتصوير عند العرب، غير أني أعتقد براءة الدين، إن العرب كانوا دائما ضد الدين كلما وقف الدين دون

اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 588
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست