اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 312
ولكنه رجل سياسي حين يكتب في الأدب يريد أن يدافع عن مصر والشرق كما يفعل في السياسة، أما أنا فأريد أن أدافع عن مصر والشرق، وأريد أن أرضي مصر والشرق ولكن بشرط ألا يورطني هذا في تغيير الحقائق العلمية أو مسها بشيء من التشويه ولو قليلا.
من هيكل إلى طه:
وقد لاحظت يا أخي أن اشتغالي المتصل بالسياسة قد أثر في تصوري الأشياء وفي حكمي عليها بعض الشيء وذكرت لذلك مثلين: أحدهما، أني أسرفت حين أسأت الظن بما يكتبه الأوروبيون عن حياتنا الأدبية بينما أنت تظن أن جب وأمثاله لا يأخذون السياسة وأهواءها مقياسا لدراساتهم الأدبية والثاني إني أسرفت حين أحسنت الظن بنا وبحظنا من الخيال وقدرتنا على الإنتاج وإني فعلت ذلك لأرضي المصريين والشرقيين في الأدب كما أفعل في السياسة وأنك أنت ترى هذا شرا لأنه تغيير للحقائق العلمية وإني أؤكد لك أن في الحقائق العلمية أثر عندي أنا أيضا من كل شيء ومن كل إنسان.
وإن كان اشتغالي بالسياسة قد أثر في تصوري الأشياء وفي حكمي عليها فإنما كان أثره أن زادني تقليبا للأشياء وامتحانا لها وتعمقا في بحث ما تنطوي عليه وما ترمي إليه وإذا كانت الأهواء السياسية ليست هي التي توجه دراساتهم فدراساتهم يقصد بها في كثير من الأحيان إلى خدمة تلك السياسة.
وما أحسبك تخالفني يا صديقي في أن كتاب "وجهة الإسلام" الذي ألفه خمسة من كبار المستشرقين المشتغلين بالأدب الحديث في بلاد الشرق المختلفة، إنما هو كتاب سياسة مداه بحث ما وصلت إليه أوربا مما يسميه الأستاذ جب "تغريب الشرق" وما يرجى لهذا التغريب في المستقبل من نجاح
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 312