responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 122
يقول الأديب النابغة فيلكس فارس: الثقافة راسخة في الفطرة والفطرة في الفرد كما هي في الأمم ميزة خاصة في الذوق واختصاص في فهم الحياة والتمتع بها، فإذا كان العقل رائدًا لبلوغ الحاجة فليست الفطرة إلا القوة المتمتعة في الإنسان بتلك الحاجة بعد بلوغه إياها.
ونحن نفرق بين الثقافة والفطرة، بين تراث الشعب الذي يخرج به من ماضيه انسلالا على مدى الدهور والأعوام وبين الفطرة من حيث هي روح الأمة التي تحتضن تراثها. فتراث مصر الفرعونية التي أسلمته لمصر الإسلامية فاختلطت نتيجة لذلك الفرعونية والعربية فكان من ذلك ما سعيناه لمصر من ثقافة تقليدية شيء والروح المصرية شيء آخر إلا أن هذا لا يمنع من أن ترسخ الثقافة التقليدية وتصبح وكأنها من صميم فطرة الشعب. وانسلاخ الشعب عن ثقافته التقليدية، وإن كان لها رجة في صميم الفطرة والروح، إلا أنها لا تعني انسلاخ الشعب من روحه وفطرته. وما ثقافة الشعب وتراثه إلا أثر وقوع الفطرة والروح تحت تأثير ظروف ومؤثرات تجد طريقها للمحيط الاجتماعي والبيئة الطبيعية للشعب وبيان ذلك أن الروح المصرية تحتفظ بذاتيتها منصبة في قوالب شتى، فهي في قالب في العصر الفرعوني وهي في قالب في العصر الإسلامي، وجماع هذه القوالب المختلفة يكافئ الحالات المتابينة التي يتضمنها المحيط اجتماعيا وطبيعيا، وإنكار هذا معناه أن الروح المصرية تغيرت من العصر الفرعوني إلى صورة أخرى في العصر الإسلامي فما الذي يمنع أن تتغير إلى صورة أخرى في العصر الحديث.
وإذا يكون من الممكن لمصر أن تتجرد من ثقافتها التقليدية وتستبدل مثلا بدينها آخر وبلغتها لغة أخرى كما حدث ذلك في عهد الفتح العربي ومع ذلك تحتفظ بروحها وفطرتها لأن ما ستأخذه الروح من القوالب سيكون من

اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست