اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 468
ووجهي قبيح، وتكفيني مجالستك ومؤاكلتك، ولم يوصلني إلى ذلك إلا عقلي وأنا أكره أن يدخل عليه ما ينقصه، فأعجبه كلامه ووصله.
وقال الوليد بن عبد الملك للحجاج في وفدة وفدها عليه: هل لك في الشراب؟ فقال يا أمير المؤمنين: لا خلاف لما أمرت ولكن أنا أمنع أهل عملي منه وأكره أن أمنعهم عن شيء ولا أمتنع منه.
وقال الله تعالى: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ
«1» . وقال تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ
«2» . وقيل لأعرابي: لم لا تشرب النبيذ؟ فقال:
لا أشرب ما يشرب عقلي.
وقال الضحاك بن مزاحم لرجل: ما تصنع بشرب النبيذ؟ قال: يهضم طعامي. قال: أما إنه يهضم من دينك وعقلك أكثر! قال ابن أبي أوفى لقومه حين نهوا عن الخمر:
ألا يا لقومي ليس في الخمر رفعة ... فلا تقربوا منها فلست بفاعل
فإنّي رأيت الخمر شيئا ولم يزل ... أخو الخمر دخّالا لشر المنازل
وقال الحسن: لو كان العقل يشترى لتغالي الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده، وقال عليه السلام: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والنساء حبائل الشيطان، والخمر داعية إلى كل شر.
وقال بعضهم:
بلوت نبيذ الخمر في كل بلدة ... فليس لأخوان النبيذ حفاظ
إذا دارت الأرطال أرضوك بالمنى ... وإن فقدوها فالوجوه غلاظ
وقال الحكيم: إياك وإخوان النبيذ فبينما أنت متوج عندهم مخدوم مكرم معظم إذ زلت بك القدم، فجروك على شوك السلم، فاحفظ قول القائل فيه:
وكلّ أناس يحفظون حريمهم ... وليس لأصحاب النبيذ حريم
فإن قلت هذا لم أقل عن جهالة ... ولكنني بالفاسقين عليم
وللأعرج الطائي:
تركت الشعر واستبدلت منه ... إذا داعي صلاة الصبح قاما
وقال الصفدي:
دع الخمر فالراحات في ترك راحها ... وفي كأسها للمرء كسوة عار
وكم ألبست نفس الفتى بعد نورها ... مدارع قار في مدار عقار
نكتة: اجتمع نصراني ومحدث في سفينة. فصب النصراني خمرا من زق كان معه في شربة وشرب، ثم صب فيها وعرض على المحدث فتناولها من غير فكر ولا مبالاة، فقال النصراني: جعلت فداءك إنما هي خمر.
قال: من أين علمت أنها خمر؟ قال: اشتراها غلامي من يهودي وحلف أنها خمر، فشربها المحدث على عجل، وقال للنصراني: يا أحمق نحن أصحاب الحديث نضعف مثل سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون أفنصدق نصرانيا عن غلامه عن يهودي، والله ما شربتها إلا لضعف الإسناد.
ومن المجون في ذلك ما حكي أن سكرانا استلقى على طريق، فجاء كلب فلحس شفتيه، فقال: خدمك بنوك ولا عدموك، فبال على وجهه، فقال: وماء حارا أيضا بارك الله فيك، وقيل: حالة السكارى ثلاثة: قرد حرك رأسه فرقص، وكلب هارش فنبح، وحية زويت فنامت.
ومر عقال الناسك بمرداس بن خدام الأسدي، فاستسقاه لبنا، فصب له خمرا وعلاه بلبن فشربه، وسكر ولم يتحرك ثلاثة أيام فقال:
سقيت عقالا بالعشية شربة ... فمالت بعقل الكاهليّ عقالي
قرعت بأم الخلّ حبّة قلبه ... فلم ينتعش منها ثلاث ليالي
ويقال: الخمر مصباح السرور ولكنها مفتاح الشرور، اللهم تب علينا وعلى العصاة والمذنبين برحمتك يا أرحم الراحمين آمين.
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 468