responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 370
إنها إذا قاربت الوضع أخرج الولد رأسه من بطنها وصار يرعى أطراف الشجر، فإذا شبع أدخل رأسه في بطن أمه، ويزعم أهل الهند أنه إذا كان ببلاد لم يدع فيها من الحيوان شيئا حتى يكون بينها وبينه مائة فرسخ من جميع الجهات هيبة له وهربا منه، ويسمى الحمار الهندي، وهو شديد العداوة للإنسان يتبعه إذا سمع صوته، فيقتله، ولا يأكل منه شيئا.
(كروان)
طير معروف لا ينام غالب الليل خصوصا في القمر، وعنده ذكاء قيل: إنه يتكلم بجميع ما يبصره ولا يحتمل المغابنة.
(كركي)
طير محبوب للملوك وله مشتى ومصيف، فمشتاه بأرض مصر، ومصيفه بأرض العراق، وهو من الحيوان الرئيس، قيل: إذا نزل بمكان اجتمع حلقة ونام، وقام عليه واحد يحرسه وهو يصوت تصويتا لطيفا حتى يفهم أنه يقظان، فإذا تمت نوبته أيقظ غيره لنوبته، قال القزويني: وإذا مشى وطىء الأرض بإحدى رجليه، وبالأخرى قليلا خوفا من أن يحس به، وإذا طار سار سطرا يقدمه واحد كهيئة الدليل، ثم تتبعه البقية.
(كلب)
معروف وهو نوعان «1»
: أهلي وسلوقي، وهذان النوعان سواء إلا أن أنثى السلوقي أسرع في التعلم من ذكره، وهذا الحيوان حليم، وعنده رياضة، وفي طبعه إكرام الأجلاء من الناس.
وحكي أن رجلا عزم جماعة، فتخلف شخص منهم في منزله، ودخل على زوجة صاحب المنزل، فضاجعها، فوثب الكلب عليهما، فقتلهما، فرجع صاحب المنزل، فوجدهما قتيلين، فأنشد يقول:
وما زال يرعى ذمّتي ويحوطني ... ويحفظ عهدي والخليل يخون
فواعجبا للخل يهتك حرمتي ... وواعجبا للكلب كيف يصون «2»
وحكى أبو عبيدة قال: خرج رجل إلى الجبانة ومعه أخوه وجاره لينظروا إلى الناس، فتبعه كلب له، فضربه ورماه بحجر، فلم ينته، ولم يرجع، فلما قعد ربض الكلب بين يديه، فجاء عدو له في طلبه، فلما رآه خاف على نفسه، فإذا بئر هناك قريبة القعر، فنزل فيها وأمر أخاه وجاره أن يهيلا عليه التراب، ثم ذهب أخوه وجاره إلى سبيلهما، وصار الكلب ينبح حوله فلما انصرف العدو أتاه الكلب، فما زال يبحث في التراب إلى أن كشفه عن رأسه، فتنفس الرجل، ومر به أناس، فتناولوه وردوه إلى أهله، فلما مات ذلك الكلب عمل له قبر ودفنه فيه، وجعل عليه قبة وسمى ذلك قبر الكلب وفي ذلك قيل:
تفرّق عنه جاره وشقيقه ... وما حاد عنه كلبه وهو ضاربه
ومن ذلك ما حكي أن رجلا قتل ودفن، وكان معه كلب فصار يأتي كل يوم إلى الموضع الذي دفن فيه، وينبح وينبش ويتعلق برجل هناك، فقال الناس: إن لهذا الكلب شأنا، فكشفوا عن ذلك وحفروا ذلك الموضع، فوجدوا قتيلا، فقبضوا على ذلك الرجل الذي ينبح عليه الكلب وضربوه، فأقر بقتله، فقتل، وهو من الحيوان الذي يعرف الحسنة، وقيل: أن الأنثى تحيض في كل شهر سبعة أيام وأكثر ما تضع إثنا عشر جروا، وذلك في النادر، والغالب خمسة أو ستة، وربما ولدت واحدا، ويعيش الكلب في الغالب عشر سنين، وربما بلغ عشرين سنة، ووصف للمتوكل كلب بأرمينية يفترس الأسد، فأرسل من جاء به إليه، فجوع أسدا وأطلقه عليه، فتهارشا وتواثبا حتى وقعا ميتين، وقيل: كلب الصياد يشبه به الفقير المجاور للغني لأنه يرى من نعمته وبؤس نفسه ما يفتت كبده، وقيل لرجل:
ما بال الكلب يرفع رجله إذا بال؟ قال: يخاف أن يلوث ذراعيه. قيل: أو للكلب ذراعان؟ قال: هو يتوهم ذلك.
فائدة: حكي أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه سمع شخصا من وراء النهر يروي أحاديث مثلثة، فسار إليه، ودخل عليه فوجده يطعم كلبا، وهو مشتغل به. قال الإمام أحمد: فأخذت في نفسي، وأضمرت أن أرجع إذا لم يلتفت الرجل إليّ، ثم قال: حدثني أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة، فلم يلج الجنة، وإن أرضنا هذه ليست بأرض كلاب، وقد قصدني هذا الكلب، فخشيت أن أقطع رجاءه» . قال، فقال الإمام أحمد رحمه الله: هذا الحديث يكفيني، ثم رجع قافلا إلى أهله.
فائدة أخرى: قال الترمذي: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض سلط عليه إبليس السباع، وكان أشدها الكلب، قال: فنزل عليه جبريل عليه السلام، وأمره أن يضع يده

اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست