اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 358
وتسميه أهل مصر الخطار، ونوع طويل الأجنحة رقيق يألف الجبال ونوع أصفر يألف المساجد يسميه الناس السنونو، وزعم بعضهم أنه الطير الأبابيل، ويقال: أن آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط إلى الأرض حصل له وحشة، فخلق الله له هذا الطير يؤنسه، فلأجل ذلك لا تجدها تفارق البيوت وهي تبني بيتها في أعلى مكان بالبيت وتحكم بنيانه وتطينه، فإن لم تجد الطين ذهبت إلى البحر فتمرغت في التراب والماء وأتت فطينته وهي لا تزبل داخله بل على حافته أو خارجا عنه وعنده ورع كثير لأنه وإن ألف البيوت لا يشارك أهلها في أقواتهم ولا يلتمس منهم شيئا، ولقد أحسن واصفه حيث يقول:
كن زاهدا فيما حوته يد الورى ... تبقى إلى كلّ الانام حبيبا
وانظر إلى الخطاف حرّم زادهم ... أضحى مقيما في البيوت ربيبا
ومن شأنه أنه لا يفرخ في عش عتيق بل يجدد له عشا وأصحاب اليرقان يلطخون أفراخه بالزعفران، فيذهب، فيأتي بحجر اليرقان، ويلقيه في عشه لتوهمه أن اليرقان حصل لأولاده وهو حجر صغير فيه خطوط يعرفه غالب الناس فعند ذلك يأخذه من به اليرقان ويحكه ويستعمله ومن عجيب أمره أنه يكاد يموت من صوت الرعد وإذا عمي ذهب إلى شجرة يقال لها عين شمس فيتمرغ فيها، فيفيق من غشوته ويفتح عينيه.
لطيفة: قيل: إن خطافا وقف على قبة سليمان وتكلم مع خطافة، وراودها عن نفسها، فامتنعت، فقال لها:
تتمنعين مني ولو شئت قلبت هذه القبة. قال: فسمع سليمان، فدعاه وقال: ما حملك على ما قلت؟ فقال:
يا نبي الله إن العشاق لا يؤاخذون بأقوالهم.
الخواص: مرارته تسود الشعر ولحمه يورث السهر وقلبه يهيج الباه إذا أكل جافا ودمه يسكن الصداع.
(خفاش) :
طير يوجد في الأماكن المظلمة وذلك بعد الغروب وقبل العشاء لأنه لا يبصر نهارا ولا في ضوء القمر وقوته البعوض، وهذا الوقت هو الذي يخرج فيه البعوض أيضا لطلب رزقه، فيأكله الخفاش، فيتسلط طالب رزق على طالب رزق وهو من الحيوان الشديد الطيران. قيل إنه يطير الفرسخين في ساعة وهو يعمر مثل النسر وتعاديه الطيور فتقتله، لأنه قيل إن عيسى عليه الصلاة والسلام لما سأله النصارى في طير لا عظم فيه صنع لهم ذلك بإذن الله تعالى فهي تكرهه لأنه مباين لخلقتها ومن طبعه الحنو على ولده حتى قيل إنه يرضعه وهو طائر.
(خنزير) :
حيوان معروف وله كنى كثيرة منها أبو جهم وأبو زرعة وأبو دلف وهو مشترك بين البهيمة والسبع لأنه ذو ناب ويأكل العشب والعلف وهو كثير الشبق حتى قيل أنه يجامع الأنثى وهي سائرة فيرى في مشيها ستة أرجل، فيتوهم الرائي أنه حيوان بستة أرجل وليس كذلك والذكر مثله، فمن غلب استقل بالنزو على الأنثى وتحرك أذنابها في زمن هيجانها وتطأطىء رأسها وتغير أصواتها وتحمل من نزوة واحدة، وتحمل ستة أشهر وتضع عشرين ولدا وينزو الذكر إذا بلغ ستة أشهر، وقيل: أربعة باختلاف البلاد وقيل: ثمانية، وإذا بلغت الأنثى خمس عشرة سنة لا تحمل، وهذا الجنس أفسد الحيوان والذكر أقوى الفحول وليس لذوات الأربع ما للخنزير في نابه من القوة حتى قيل إنه يضرب به السيف والرمح فينقطع ما لاقاه وإذا التقى ناباه من الطول مات لأنهما حينئذ يمنعانه من الأكل.
ومن عجيب أمره أنه يأكل الحيات ولا يؤثر فيه سمها وإذا عض كلبا سقط شعره، وإذا مرض وأطعم السرطان يفيق، ومن عجيب أمره أنه إذا ربط على ظهره حمار وبال الحمار وهو على ظهره مات ولا يسلخ جلده إلا بالقلع مع شيء من لحمه على ما ذكروا.
(خنفساء) :
دويبة تتولد من عفونات الأرض وبينها وبين العقرب مودة، وكنيتها أم فسو، لأن كل من وضع يده عليها يشم رائحة كريهة.
فائدة: قيل إن رجلا رأى خنفساء، فقال: ما يصنع الله بهذه، فابتلاه الله تعالى بقرحة عجز الأطباء فيها، فبينما هو ذات يوم إذا بطرقي يقول من به وجع كذا إلى أن قال: من به قرحة، فخرج إليه ذلك الرجل فلما رأى ما به. قال:
ائتوني بخنفساء، فضحك منه الحاضرون، فقال: ائتوه بالذي يطلب، فأتوه بها، فأخذها، فأحرقها، وأخذ رمادها، وجعل منه على تلك القرحة فبرئت، فعلم ذلك المقروح أن الله تعالى ما خلق شيئا سدى وأن في أخس المخلوقات أهم الأدوية، فسبحان القادر على كل شيء.
الخواص: إذا قطعت رؤوس الخنافس وجعلت في برج الحمام كثر الحمام في ذلك البرج والاكتحال بما في جوفها من الرطوبة يحد البصر ويجلو الغشاوة والبياض، وإذا بخر المكان بورق الدلب هربت منه الخنافس على ما ذكر.
(خيل) :
جماعة الأفراس وسميت بذلك لأنها تختال في مشيتها، وهي من الحيوان المشرف، ولقد مدحها الله تعالى
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 358