responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 253
فقال عافية: لأشكونك إلى أمير المؤمنين ولأعلمنه أنك هجوتني. قال له أبو دلامة: إذا والله يعزلك. قال: ولم؟
قال: لأنك لا تعرف الهجاء من المدح، قال: فبلغ ذلك المنصور، فضحك وأمر له بجائزة.
ودخل أبو دلامة على المهدي وعنده إسماعيل بن علي، وعيسى بن موسى والعباس بن محمد، وجماعة من بني هاشم، فقال له المهدي: والله لئن لم تهج واحدا ممن في هذا البيت لأقطعن لسانك. فنظر إلى القوم وتحير في أمره، وجعل ينظر إلى كل واحد، فيغمزه بأن عليه رضاه، قال أبو دلامة، فازددت حيرة، فما رأيت أسلم لي من أن أهجو نفسي، فقلت:
ألا أبلغ لديك أبا دلامة ... فلست من الكرام ولا كرامه
جمعت دمامة وجمعت لؤما ... كذاك اللؤم تتبعه الدمامه
إذا لبس العمامة قلت قردا ... وخنزيرا إذا نزع العمامه
فضحك القوم ولم يبق منهم أحدا إلا أجازه.
وقال ابن الأعرابي: إن أهجى بيت قاله المحدثون قول محمد بن وهب في محمد بن هاشم:
لم تند كفاك من بذل النوال كما ... لم يند سيفك مذ قلّدته بدم «1»
وهجا بعضهم القمر، فقال: يهدم العمر ويوجب أجرة المنزل «2» ويشجب الألوان، ويقرض الكتان، ويضل الساري ويعين السارق ويفضح العاشق.
ولابن منقذ في أبي طليب المصري وقد احترقت داره:
أنظر إلى الأيام كيف تسوقنا ... قسرا إلى الأقدار بالأقدار
ما أوقد ابن طليب قط بداره ... نارا وكان خرابها بالنّار «3»
وكان للوجيه بن صورة المصري دلال الكتب، دار بمصر موصوفة بالحسن فاحترقت، فقال فيها ابن المنجم:
أقول وقد عاينت دار ابن صورة ... وللنّار فيها وهجة تتضرّم
فما هو إلا كافر طال عمره ... فجاءته لمّا استبطأته جهنّم
وقد أحسن الأديب كمال الدين علي بن محمد بن المبارك الشهير بابن الأعمى في ذم دار كان يسكنها حيث قال:
دار سكنت بها أقلّ صفاتها ... أن تكثر الحشرات في جنباتها
الخير عنها نازح متباعد ... والشر دان من جميع جهاتها
من بعض ما فيها البعوض عدمته ... كم أعدم الأجفان طيب سناتها «4»
وتبيت تسعدها براغيث متى ... غنّت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه ... قد قدّمت فيه على أخواتها
وبها ذباب كالضباب يسد عين ... الشمس ما طربي سوى غنّاتها
أين الصوارم والقنا من فتكها ... فينا وأين الأسد من وثباتها
وبها من الخطّاف ما هو معجز ... أبصارنا عن وصف كيفياتها
وبها خفافيش تطير نهارها ... مع ليلها ليست على عاداتها «5»
وبها من الجرذان ما قد قصّرت ... عنه العتاق الجرد في حملاتها «6»
وبها خنافس كالطنافس أفرشت ... في أرضها وعلت على جنباتها
لو شمّ أهل الحرب منتن فسوها ... أردى الكماة الصيد عن صهواتها «7»
وبنات وردان وأشكال لها ... مما يفوت العين كنه ذواتها

اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست