اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 237
ولما حججت وزرته صلى الله عليه وسلم، تطفلت على جنابه المعظم وامتدحته بأبيات مطولة، وأنشدتها بين يديه بالحجرة الشريفة تجاه الصندوق الشريف وأنا مكشوف الرأس، وأبكي من جملتها:
يا سيد السادات جئتك قاصدا ... أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
والله يا خير الخلائق إنّ لي ... قلبا مشوقا لا يروم سواكا
ووحق جاهك إنني بك مغرم ... والله يعلم إنني أهواكا
أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ ... كلّا ولا خلق الورى لولاكا
أنت الذي من نورك البدر اكتسى ... والشمس مشرقة بنور بهاكا
أنت الذي لمّا رفعت إلى السما ... بك قد سمت وتزينت لسراكا «1»
أنت الذي ناداك ربك مرحبا ... ولقد دعاك لقربه وحباكا «2»
أنت الذي فينا سألت شفاعة ... ناداك ربك لم تكن لسواكا
أنت الذي لمّا توسل آدم ... من ذنبه بك فاز وهو أباك
وبك الخليل دعا فعادت ناره ... بردا وقد خمدت بنور سناكا «3»
ودعاك أيوب لضر مسّه ... فأزيل عنه الضر حين دعاكا
وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا ... بصفات حسنك مادحا لعلاكا
وكذاك موسى لم يزل متوسّلا ... بك في القيامة مرتج لنداكا
والأنبياء وكلّ خلق في الورى ... والرسل والأملاك تحت لواكا
لك معجرات أعجزت كل الورى ... وفضائل جلّت فليس تحاكى «4»
نطق الذراع بسمّه لك معلنا ... والضب قد لبّاك حين أتاكا
والذئب جاءك والغزالة قد أتت ... بك تستجير وتحتمي بحماكا
وكذا الوحوش أتت إليك وسلّمت ... وشكا البعير إليك حين رآكا
ودعوت أشجارا أتتك مطيعة ... وسعت إليك مجيبة لنداكا
والماء فاض براحتيك وسبّحت ... صمّ الحصى بالفضل في يمناكا
وعليك ظلّلت الغمامة في الورى ... والجذع حنّ إلى كريم لقاكا «5»
وكذاك لا أثر لمشيك في الثرى ... والصخر قد غاصت به قدماكا
وشفيت ذا العاهات من أمراضه ... وملأت كلّ الأرض من جدواكا «6»
ورددت عين قتادة بعد العمى ... وابن الحصين شفيته بشفاكا
وكذا حبيب وابن عفرا عندما ... جرحا شفيتهما بلمس يداكا
وعلي من رمد به داويته ... في خيبر فشفي بطيب لماكا «7»
وسألت ربّك في ابن جابر بعدما ... قد مات أحياه وقد أرضاكا
ومسست شاة لأمّ معبد بعدما ... نشفت فدرّت من شفا رقياكا
ودعوت عام المحل ربّك معلنا ... فانهلّ قطر السحب عند دعاكا
ودعوت كلّ الخلق فانقادوا إلى ... دعواك طوعا سامعين نداكا
وخفضت دين الكفر يا علم الهدى ... ورفعت دينك فاستقام هناكا
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 237