اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 232
صحبتك أيها الأمير، فجعله من سمّاره وخواصه، ثم لم يلبث أن ولاه على اليمامة. وكان من أمره ما كان.
المهلب بن أبي صفرة كان من الشجعان، ومن الأبطال المعدودة، وأولاده كلهم أنجاد أبطال إلا أن المغيرة من بينهم كان أشد تمكنا، وكان المهلب يقول: ما شهد معي المغيرة حربا إلا رأيت البشرى في وجهه. وحمل عليه بعض الشجعان، وفي يديه شجرة، فلما رآها نكس رأسه على قربوس السرج، وحمل من تحتها فبراها بسيفه. وكان المهلب يقول: أشجع الناس ثلاثة: ابن الكلبية «1» ، وأحمر قريش، وراكب البغلة، فابن الكلبية «2» مصعب بن الزبير، وأحمر قريش عمر بن عبيد الله بن معمر ما لقي خيلا قط إلا فرّقها. وراكب البغلة عباد بن الحصين ما كان قط في كربة إلا فرجها وهو من الإسلام. وكان للمهلب في الحروب مكايد مشهورة ووقائعه أبادت الخوارج بعد أن كانوا قد استولوا على المسلمين، وكان سيدا كريما، مات حتف أنفه، وكذلك ابنه المغيرة، وفيه يقول زياد الأعجم:
مات المغيرة بعد طول تعرّض ... للقتل بين أسنّة وصفائح
وكان في الخوارج فوارس مشهورة لا تثبت لهم الرجال، وذكرهم يطول، ويخرج عما أردناه. فمنهم: أبو بلال مرداس خرج في أربعين فهزم ألفين. وشبيب الخارجي الذي غرق في الفرات، نذرت امرأته غزالة أن تصلي في جامع الكوفة ركعتين تقرأ في الأولى البقرة وفي الثانية آل عمران، فعبر بها جسر الفرات وأدخلها الجامع، ووقف على بابه يحميها حتى وفت بنذرها، والحجاج في الكوفة في خمسين ألفا. ومنهم قطري بن الفجاءة كان رأس الخوارج، وخاطبوه بأمير المؤمنين، وعظموه وبجلوه، وأشعاره في الشجاعة تدل على مكانه منها، قتل في بعض وقائع الخوارج.
(الطبقة الثالثة) :
معن بن زائدة الشيباني قتله الخوارج بسجستان في أيام المهدي. الوليد بن طريف الشيباني قتله يزيد بن مزيد.
عمرو بن حنيف كان من الفرسان المعدودة، نقل عنه أنه كان يتصيد، فتتبع حمار وحش وما زال يركض إلى أن حاذاه، فجمع رجليه ووثب من على فرسه وصار على ظهر حمار الوحش، وصار يحز عنقه بسيف أو سكين في يده حتى قتله.
أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي فارس بطل شاعر نديم جامع لما تفرق في غيره، طعن فارسين رديفين، فأنفذ الرمح من ظهريهما، وحمل برمحه أربعة نفر، وفيه يقول بكر بن النطاح:
قالوا وينظم فارسين بطعنة ... يوم اللقاء ولا يراه جليلا
لا تعجبوا لو كان مدّ قناته ... ميلا إذا نظم الفوارس ميلا «3»
وسأله يوما رجل شيئا، فقال له: أتسأل وجدّك القائل:
ومن يفتقر منّا يعش بحسامه ... ومن يفتقر من سائر الناس يسأل
وإنّا لنلهو بالسيوف كما لهت ... فتاة بعقد أو سحاب قرنفل
فخرج الرجل، فجرد سيفه، فلم يصادفه في طريقه إلا وكيل لأبي دلف ومعه مال جزيل، فاستلبه منه وقتله، فبلغ الخبر أبا دلف فقال: دعوه، فإني علّمته على نفسي.
بكر بن النطاح بطل شجاع فارس فاتك له أشعار مشهورة، وأخبار مذكورة.
ومما جاء في مدح السيف:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخير في السيف والخير مع السيف والخير بالسيف» . وكان صمصام عمرو أشهر سيوف العرب، وممن تمثل به نهشل، فقال:
أخ ماجد ما خانني يوم مشهد ... كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه
ولما وهبه عمرو لخالد بن سعيد بن العاص عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن قال:
خليلي لم أخنه ولم يخنّي ... إذا ما صاب أوساط العظام
خليلي لم أهبه من قلاه ... ولكنّ المواهب للكرام
حبوت به كريما من قريش ... فسّر به وصين عن اللئام
وودّعت الصّفي صفيّ نفسي ... على الصمصام أضعاف السلام
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 232