responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 216
بسره، فإذا حدث به أحدا قال: اكتمه عليّ.
قال الشاعر:
إذا المرء أفشى سرّه بلسانه ... ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق
وقال آخر:
إذا ما ضاق صدرك عن حديث ... وأفشته الرجال فمن تلوم
وإن عاتبت من أفشى حديثي ... وسري عنده فأنا الملوم
وقال صالح بن عبد القدوس: لا تودع سرك إلى طالبه، فالطالب للسر مذيع، ولا تودع مالك عند من يستدعيه، فالطالب للوديعة خائن. وقيل لأعرابي: ما بلغ من حفظك للسر؟ قال: أفرقه تحت شغاف قلبي ثم أجمعه وأنساه كأني لم أسمعه. وكان أحزم الناس من لا يفشي سره إلى صديقه مخافة أن يقع بينهما شر، فيفشيه عليه.
وقال حكيم: قلوب الأحرار قبور الأسرار، وقيل:
الطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار حمق.
وقال بعضهم:
إذا ما غفرت الذنب يوما لصاحب ... فلست معيدا ما حييت له ذكرا
ولست إذا ما صاحب خان عهده ... وعندي له سرّ مذيعا له سرا
وأين هذا من قول القائل:
ولا تودع الأسرار أذني فإنّما ... تصبّنّ ماء في إناء مثلّم «1»
أو القائل:
ولا أكتم الأسرار لكن أذيعها ... ولا أدع الأسرار تعلو على قلبي
وإن قليل العقل من بات ليلة ... تقلّبه الأسرار جنبا إلى جنب
وقال آخر:
وإنك كلّما استودعت سرّا ... أنمّ من النسيم على الرياض
وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
أناس أمناهم فنّموا حديثنا ... فلما كتمنا السرّ عنهم تقوّلوا «2»
ولله در المتنبي حيث قال:
وللسرّ مني موضع لا يناله ... نديم ولا يفضي إليه شراب «3»
وقد اقتصرنا من ذلك على هذا القدر اليسير، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
الباب التاسع والثلاثون في الغدر والخيانة والسرقة والعداوة والبغضاء والحسد
وفيه فصول
الفصل الأول في الغدر والخيانة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعجل الأشياء عقوبة البغي» . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المكر والخديعة والخيانة في النار» . وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ثلاث من كن فيه كنّ عليه. البغي والنكث والمكر.
قال الله تعالى: إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ
«4» . وقال تعالى: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
«5» وقال تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
«6» . وكم أوقع القدر في المهالك من غادر، وضاقت عليه من موارد الهلكات فسيحات المصادر، وطوقه غدره طوق خزي، فهو على فكّه غير قادر، وأوقعه في خطة خسف وورطة

اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست