responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 139
الباب السادس والعشرون في الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح
وفيه فصلان
الفصل الأول في الحياء
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: مكارم الأخلاق عشرة: صدق الحديث، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والمكافأة بالصنيع، وبذل المعروف، وحفظ الذمام للجار، وحفظ الذمام للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء شعبة من الإيمان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» .
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: من كسا بالحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وعن زيد بن علي عن آبائه يرفعونه:
من لم يستح فهو كافر.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: إني لأدخل البيت المظلم أغتسل فيه من الجنابة فأحني فيه صلبي حياء من ربي، وقال بعضهم: الوجه المصون بالحياء كالجوهر المكنون في الوعاء.
وقال الخواص: إن العباد عملوا على أربع منازل، على الخوف والرجاء والتعظيم والحياء، فأرفعها منزلة الحياء لما أيقنوا أن الله يراهم على كل حال قالوا: سواء علينا رأيناه أو رآنا، وكان الحاجز لهم عن معاصيه الحياء منه.
ويقال: القناعة دليل الأمانة، والأمانة دليل الشكر، والشكر دليل الزيادة، والزيادة دليل بقاء النعمة، والحياء دليل الخير كله.
الفصل الثاني في التواضع ولين الجانب وخفض الجناح
قال الله تعالى: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
«1» . وقال تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 83
«2» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل العبادة التواضع» . وقال صلى الله عليه وسلم:
«لا ترفعوني فوق قدري، فتقولوا فيّ ما قالت النصارى في المسيح، فإن الله عز وجل اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا» ، وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل فكلمه فأخذته رعدة، فقال صلى الله عليه وسلم له: «هوّن عليك، فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد» «3» ، وكان صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه، ويخصف نعله «4» ، ويخدم في مهنة أهله ولم يكن متكبرا ولا متجبرا، أشد الناس حياء وأكثرهم تواضعا، وكان إذا حدث بشيء مما أتاه الله تعالى قال: ولا فخر.
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن العفو لا يزيد العبد إلا عزا فاعفوا يعزكم الله، وإن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله، وإن الصدقة لا تزيد المال إلا نماء فتصدقوا يزدكم الله» .
وقال عدي بن أرطأة لإياس بن معاوية: إنك لسريع المشية، قال: ذلك أبعد من الكبر وأسرع في الحاجة.
وخرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار» .
وقيل: التواضع سلم الشرف. ولبس مطرف بن عبد الله الصوف وجلس مع المساكين، فقيل له في ذلك، فقال: إن أبي كان جبارا، فأحببت أن أتواضع لربي لعله أن يخفف عن أبي تجبره.
وقال مجاهد: إن الله تعالى لما أغرق قوم نوح شمخت الجبال وتواضع الجودي فرفعه فوق الجبال، وجعل قرار السفينة عليه.
وقال الله تعالى لموسى عليه السلام: هل تعرف لم كلمتك من بين الناس؟ قال: لا يا رب. قال: لأني رأيتك تتمرغ بين يدي في التراب تواضعا لي. وقيل: من رفع نفسه فوق قدره استجلب مقت الناس «5» .
وقال أبو مسلم صاحب الذخيرة: ما تاه إلا وضيع ولا فاخر إلا لقيط، وكل من تواضع لله رفعه الله. فسبحان من

اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست