responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستجاد من فعلات الأجواد المؤلف : التنوخي، المحسن بن علي    الجزء : 1  صفحة : 34
قال: فقالت له المرأة التي ابتاعت منه الثياب: هذه والله دار عزة، ولها والله ابتعت منك الثياب، فقال والله وأنا غلام كثير، وأشهد الله أن الثياب لها، ولا آخذ من ثمنها شيئاً، فبلغ ذلك كثيراً فقال: وأنا أشهد الله أنه حر وما بقي معه من المال فهو له.
حكاية
أخبر الهيثم بن عدي قال: تمارى ثلاثة في الأجواد فقال رجل: أسخى الناس في عصرنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال آخر: بل أسخى الناس اليوم عرابة الأوسي وقال آخر: بل هو قيس بن سعد بن عبادة، فتلاحوا فأفرطوا في المراء، وكثر ضجيجهم وهم بفناء الكعبة فقال لهم رجل: قد أكثرتم الملاحاة فلا عليكم أن يمضي كل واحد منكم إلى صاحبه يسأله حتى ننظر ما يعطيه فنحكم على العيان. فقام صاحب عبد الله بن جعفر إليه فصادفه وقد وضع رجله في غرز راحلته يزيد ضيعة له فقال له: يا ابن هم رسول الله قال: قل ما تشاء. قال: ابن سبيل منقطع، فأخرج رجله من الغرز وقال: ضع رجلك واستو على الناقة، وخذ ما في الحقيبة ولا تخدع عن السيف فإنه من سيوف علي بن أبي طالب. قال: فجاء بالناقة والحقيبة فيها مطارف خز وأربعة آلاف دينار، وأعظمها وأجلها السيف. ومضى صاحب قيس بن سعد ابن عبادة فصادفه نائماً فقالت الجارية: هو نائم فما حاجتك إليه؟ قال أين سبيل ومنقطع به. قالت: حاجتك أهون من إيقاظه، هذا كيس فيه سبعمائة دينار ما في دار قيس اليوم غيره، " خذه " وامض إلى معاطن الإبل إلى مولانا بعلامتنا فخذ راحلة من رواحله وما يصلحها وعبداً، وامض لشأنك. فقيل أن قيس لما انتبه من رقدته أخبرته الجارية بما صنعت فأعتقها. ومضى صاحب عرابة الأوسي إليه فألفاه قد خرج من منزله يريد الصلاة وهو يمشي على عبدين، وقد كف بصره فقال: يا عرابة قال: قل ما تشاء، فقال: ابن سبيل ومنقطع به، قال: فخلى العبدين، وصفق بيده اليمنى على اليسرى، ثم قال: أواه " أواه والله " ما أصبح ولا أمسي الليل عرابة وقد تركت له الحقوق مالاً ولكن خذهما يعني العبدين. فقال: ما كنت بالذي أقص جناحك منهما، قال: إن لم تأخذهما فهما حران، فإن شئت فخذ وإن شئت فاعتق، وأقبل يلمس الحائط بيده راجعاً إلى منزله. قال: فأخذهما وجاء بهما. فقيل إنهم أجود الناس في عصرهم إلا أنهم حكموا لعرابة لأنه أعطى جهده.
حكاية
قال عبد الله بن المعتمر القيسي: حججت سنة إلى بيت الله الحرام، فلما قضيت حجي عدت لزيارة قبر محمد صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا ذات جالس بين القبر والروضة إذ سمعت أنيناً عالياً وحنيناً بادياً فأنصت إليه فإذا هو يقول:
أشجاك نوح حمائم السدر ... فأهجن منك بلابل الصدر
أم عز نومك ذكر غانية ... أهدت إليك وساوس الذكر
في ليلة نام الخلي بها ... وخلوت بالأحزان والفكر
يا ليلة طالت على دنف ... يشكو الفراق وقلة الصبر
أسلمت من يهوى لحر جوى ... متوقد كتوقد الجمر
فالبدر بشهد أنني كلف ... مغرى بحب شبيهة البدر
ما كنت أحسبني بها شجناً ... حتى بليت وكنت لا أدري
قال: ثم انقطع الصوت ولا أدري من أين جاءني، فبقيت حائراً ساعة، فإذا به قد أعاد البكاء والحنين وأنشأ يقول:
أشجاك من ريا الخيال زائر ... والليل مسود الذوائب عاكر
واعتاد مهجتك الهوى برسيسه ... واهتاج مقلتك المنام الباكر
ناديت ليلى والظلام كأنه ... يم تلاطم فيه موج زاخر
والبدر يسري في السماء كأنه ... ملك ترحل والنجوم عساكر
فإذا تعرضت الثريا خلتها ... كأساً به حبب السلافة دائر
فترى به الجوزاء ترقص في الدجى ... رقص الحبيب علاه سكر ظاهر
يا ليل طلت على محب ماله ... إلا الصباح مساعد ومؤازر
فأجابني مت حتف أنفك واعلمن ... أن الهوى لهو الهوان الحاضر

اسم الکتاب : المستجاد من فعلات الأجواد المؤلف : التنوخي، المحسن بن علي    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست